وللشراسة مردوداتُها الوخيمة

-1-
لا نبالغ اذا قلنا :
ان الشراسة والتعاسة صفتان متلازمتان، فالاولى تُفضي الى الثانية، ومن الصعب جدا أنْ يهنأ أصحاب الشراسة بعيشهم دون أنْ يكابدوا ألوانا من الاتعاب والاوصاب
هذا على الضد من الاتصاف بالمرونة والاعتدال فانهما يُفضيان الى راحة البال وتفادي الكثير من الأزمات والمشكلات .
-2-
واصحاب الشراسة على قسمين :
منهم من يكون شرساً حتى مع زوجته وأولاده وأهله، فضلاً عن الاخرين، فالشراسة لا تنفك عنه ولا ينفك عنها
ومنهم من يكون شرساً في البيت ولا يكون شرسا خارجه ..!!
والقسم الثاني ليس نادراً بل هو موجود في كثير من الأوساط :
رأى احد العلماء رجلاً يضرب زوجته فقال له :
لماذا ضربتَها ؟
هل قامت بعملٍ يستوجبُ العقوبة ؟
فأجاب :
لا
ولكنني ضربتُها لكي لا تقوم بعمل يستوجب العقوبة ..!!
واذا كانت العقوبة جزاءً للجناية فالعقوبة هنا ليست جزاء جناية وانما هي محض ظلم وشراسة …
-3-
وقد استغربت كثيراً من احدى السيدات التي انفصلت عن زوجها بارادتها دون طلاق شرعي – رغم انها انجبت منه العديد من الابناء والبنات وعاشت معه سنين عديدة حتى اذا ما اتيحت لها فرصة الانفصال عنه- لكونها تعيش في بلد اوربي أعلنتْ تمردها عليه وتركَتْهُ رافضةً الرجوع الى منزل الزوجية وبكل اصرار …
وحين سألت زوجها عن السبب لم يستطع أنْ يذكر لي سببا مقنعا …
ثم علمت ان شراسته كانت السبب وراء ذلك، وأيُّ تعاسة اكبر من أنْ يعيش لوحده بعيداً عن افلاذ كبده ، وبعيداً عن حبيبته التي اختارها شريكةً لحياته ..!!
انه ليس موصوفاً بالشراسة في تعامله مع الناس ولكنه موصوف بالشراسة في تعامله مع زوجته وقد دفع الثمن ..!!
وقد روي عنه (ص) انه قال ما مؤداه ( خيركم خيركم لأهله )
فالخُلقُ الحسن والشفافيةُ مطلوبان في التعامل مع الأهل ومع غيرهم …
-4-
وبعد أنْ ذاق الأمَريْن اقترن بزواج جديد، ومرت الايام الأولى دون أنْ تكدّرها الشراسة، ولكن تلك الايام لم تطل حتى أطلّتْ الشراسة في التعامل من جديد، الامر الذي اضطرت معه الزوجة الجديدة أنَّ تلجأ الى بيت أهلها غاضبة منزعجة من الاسلوب الذي تعامل به معها زوجُها ..
ولولا تدخل الاطياب الذين لطّفوا الاجواء وأصلحوا ذاتَالبيْن لوقعت الكارثة …!!
-5-
وهكذا فان الشراسة لا تنهي فصلاً من التعاسة الاّ وتُدخل صاحِبَها في فصل آخر …
وهذا هو الأثر السلبي على مستوى الشوط الاول من الحياة
وأما الاثر السلبي في الشوط الاخر – وهو حياته الاخرى –فهو أعظم وأكبر .
والحل هو رياضة النفس وحملها على الاتزان والاعتدال والتصميم الجاد على التعاطي الايجابي المشوب بالسماحة والرحمة والرفق واللين مع الاهل ومع الناس وبذلك يقترب من مرافئ السلامة والسعادة ..

حسين الصدر

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة