متابعة الصباح الجديد:
يحكى أن رجلاً أهدى للحاكم صقراً من فصيلة متميزة، ففرح الحاكم به كثيراً وسأل وزيره عن رأيه في الصقر فقال: (إنه قد تربى مع الدجاج) فأستغرب الحاكم من كلام الوزير، فطلب الوزير أن يطلق الصقر، فإذا به يحفر الأرض برجليه ليأكل كالدجاج تماماً، وقد كان الوزير لاحظ قبل ذلك أن الصقر ينظر الى الأرض على غير عادة الصقور التي تنظر الى السماء.
هكذا يتحول كل منا ليشبه من يجالس ويخالط، ويتجرد من صفاته الخاصة المميزة له.. إذ ان لمن نُحدث ونُرافق تأثيراً كبيراً على شخصيتنا وقد لا نلتفت لذلك إلا حين نكون قد تطبعنا تماما بأفكارهم.
فقد روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل.
وروي عن نبي الله سليمان (عليه السلام): لا تحكموا على رجل بشيء حتى تنظروا إلى من يصاحب، فإنما يعرف الرجل بأشكاله وأقرانه.
وهنا الكلام ليس في تجنب رفاق السوء فهذا أمر بديهي لكل عاقل، وإنما الحديث عن اختيار الافضل فيمن نرافق لما لهم من تأثير في تطوير ذواتنا واكتشاف قدراتنا الابداعية. لو تساءلنا عن واقعنا: هل نجالس علماء الدين او اننا نخاف جهلنا بتعاليم السماء؟ هل نخالط علماء الكيمياء والفيزياء او اننا نخشى اكتشاف جهلنا بتلك العلوم؟
هل نصاحب المبدعين سواء كانوا مصورين، رسامين، مصممين او كتاباً.
او اننا نكتفي بإمكانياتنا واعتقادنا بأنها الافضل؟!
خاصة في زمن مواقع التواصل وظهور بعض الاشخاص النكرات تحت عنوان (مشاهير التواصل الاجتماعي) ابتعدنا كثيراً عن اصحاب المحتوى الابداعي المُفيد، واقتربنا ممن هم بلا هدف، لنرضى الأنا التي في داخلنا ونوهمها انها الافضل!
هكذا هو واقعنا، لذلك لا نرى تطوراً فكرياً ملحوظاً في مجتمعاتنا ولا في ذواتنا.
نحن لا نعني في ذلك التقليل من أنفسنا وزعزعة الثقة، ولكن ما نحتاجه واقعاً مخالطة الأفضل لتطوير ذواتنا والنهوض بواقعنا.
كل منا يرى في نفسه الكفاية من الابداع والتميز، وقد يكون هذا صحيحاً، ولكن لو اطلعنا على ما عند الآخرين من افكار ابتكارية لوجدنا اننا في الحقيقة نحتاج الى المزيد والمزيد.