السياح.. موروث سومري ما زال عنبره يفوح

أحلام يوسف
السيّاح نوع من الخبز الرقيق، يصنع من دقيق الأرز. تمتاز نساء جنوبي العراق بصناعته، ويتم إعداد عجينة سائلة ثم تسكب على ظهر قرص معدني مقعر إلى الأعلى يسمى صاج، ويستند الصاج على مناصب أيضا، ويتم إشعال النار تحته باستعمال القصب اليابس لتكوين مشعل يكون ذا لهب عالٍ ويتوزع ليغطي السطح السفلي للـصاج تماماً.
عند سكب العجين على الصاج، تتم تسويته باليد ليكون سُمْكُه منتظماً وأقل ما يمكن، ولهذا لا يستغرق السيّاح وقتاً طويلا حتى ينضج، ثم ترفع “السيّاحة” وهي مفرد سيّاح، وتسلم فورا لأفراد الأسرة للأكل، ويفضل اكله وهو حار، ويمكن أن يكون مع السيّاح سمك مشوي، في حال تم خبزه في فترة الظهيرة.
يختلف السياح عما يسمى الطابگ، والذي يعجن أيضا من دقيق الأرز، لكنه اكثر سمكا منه.
تقول ام آيات: تعلمت صنع السياح والطابگ من والدتي، كما تعلمتها هي من جدتي، وكانت تخبز الطابگ، وتضع أجزاء من السمك داخله بعد ان تنزع العظم، واحيانا كانت تشوي السمك معه كي تنتقل رائحة السمك الى الخبز أيضا، واجد ان هذا النوع من الاكل يشبه الى حد كبير اكلة “مطبگ سمك” لكن بدل الأرز طحين الأرز، بنحو عام فخبز السياح اكثر سهولة من الطابگ، وبالنسبة الي احبه اكثر لأنه خفيف على المعدة، الطابگ تشعرين بثقل كبير بعد اكله، لأنه سميك ولأنه مصنوع من دقيق الرز.
خبز السياح أكثر سهولة ومن هنا تجد ان عددا من النساء ذكرن انهن بين مدة ومدة أخرى يقمن بخبزه، خاصة في أيام الجمعة، بعكس الطابگ الذي وجدن انه يحتاج الى خبرة، ويفضل اكل السياح مع البيض المخفوق او القيمر، وقت الإفطار، ومع السمك المشوي في فترة الظهيرة، لكن كيف وصل الينا هذا الخبز، وما هي الظروف التي دفعت الى خبزه مع وجود القمح؟
يقول الباحث الآثاري عامر عبد الرزاق: خبز السياح أكلة سومرية، وتؤكل في وقتنا الحاضر، وأكلة الطابگ أو خبز سياح، لها قصة في الحضارة السومرية، فبعد مشكلة كبيرة بالأراضي الزراعية في بلاد سومر، وتفشي الملوحة بأرضها، قدم التجار السومريون فكرة نبته كانت تزرع في الصين، تتأقلم مع الملوحة، وتحتاج مياه كثيرة، وهذا متوفر بأرضنا في وسط وجنوبي العراق، وجلبوا النبتة وأسماها السومريون الشلب، وتتكون من ثلاثة مقاطع لغوية، وبعد أن زرعوا الشلب وفي أول محصول لهم، قاموا بسحقه وطحنه بقصد خبزه، لأنهم اعتادوا على القمح والخبز كأكله رئيسة فطحن الرز، وقاموا بأنشاء الطابگ وتم خبزه وأكله ، وما زالت هذه الاكلة القديمة، ومن قبل 4000 أربعة الاف عام تؤكل الى يومنا الحاضر، ولها عشاق يتلذذون بأكلها بطقس سومري لذيذ.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة