الشائعة خبر كاذب ومزيف ومجهول المصدر لكنه شيق وممتع في الوقت نفسه ويهدف للتلاعب بعواطف المواطنين وعقولهم ولأنه يثير فضول أفراد المجتمع فإنه ينتشر بسرعة فائقة.
بعض الشائعات لها أغراض اقتصادية تهدف للترويج لمنتج معين بهدف تحقيق ارباح كبيرة او لتقليل الاقبال على منتج آخر كشكل من أشكال الحرب الاقتصادية فقبل اعوام انتشرت في السعودية شائعة مفادها ان ماكينة الخياطة القديمة من نوع سينجر تحوي زئبقا احمر ما دفع الناس لبيعها وشرائها حتى وصل سعر الواحدة لمبلغ 50 ألف ريال سعودي برغم ان قيمتها الاصلية 200 ريال ما أدى الى شيوع جرائم الاحتيال، ومن الشائعات ما يكون غرضها سياسيا او امنيا تهدف الى بث الرعب والقلق في نفوس المواطنين وزرع الفتنة لبناء رأي عام مغلوط او لتشكيل حالة ذهنية سلبية تحقق أهداف مروجي الشائعة وصانعيها كما حدث في تركيا عام 2017 بعد نشر اخبار كاذبة عن لاجئين سوريين قاموا باغتصاب فتيات حيث تعرض لاجئ عراقي للطعن بسكين ظنا من المهاجمين انه سوري الجنسية.
واذا كانت الشائعات قديما وقبل ظهور وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة اقل تأثيرا وخطرا حيث يتم تداولها في المجالس المغلقة وبين عدد محدود من الأفراد وهي تتغير في روايتها ومدلولها بالنقل والتداول فان خطرها تضاعف بظهور الفيس بوك كوسيلة تواصل وتداول مهمة وواسعة الانتشار لان الشائعة ستنتشر بمجرد ضغط زر الإعجاب او المشاركة وبالنسخة نفسها التي كتبها منتج الشائعة وبدون تغيير ما يسهل تمرير وتحقيق أهداف مطلق الشائعة.
هنا اتحدث عن الشائعات الممنهجة والمرسومة الأهداف وغير الرسمية لان الشائعات العفوية والشائعات الرسمية قد تهدف لتحقيق أغراض اخرى ليس من بينها اثارة الرعب في اذهان الناس او تحقيق غايات اقتصادية والشائعات الممنهجة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي تحتاج لتصد تشريعي استثنائي من غير المواد المذكورة في قانون العقوبات العراقي لان المادة 179 عاقبت على اذاعة اخبار كاذبة في زمن الحرب من شأنها ان تؤثر على الاستعدادات العسكرية او تثير الفزع بين الناس والمادة 180 عاقبت على إذاعة أخبار او بيانات او شائعات كاذبة في الخارج من شانها ان تضعف الثقة المالية للدولة ومثل هذه النصوص ما عادت كافية لمواجهة هذه الجريمة التي أضحت ظاهرة تهدد الامن النفسي والاقتصادي للمواطنين نحتاج الى نصوص عقابية تكافح الشائعة بكل صورها وتأثيراتها المتنوعة من دون المساس بحرية التعبير ومن دون ان تقوض فرص نقل المعلومة وتداولها صحيح ان تحقيق هذا النوع من الموازنة ليس بالامر الهين لكنه ضروري في عصر ضمان الحريات وتفشي الشائعات المغرضة.
القاضي إياد محسن ضمد