الفصائل الجهادية والمعارضة تنسحب من خان شيخون وريف حماة الشمالي وحديث عن إعادة تمركز

اثر اتباع الجيش السوري «سياسة الأرض المحروقة»

متابعة ـ الصباح الجديد :

انسحبت فصائل جهادية ومعارضة امس الثلاثاء من مدينة خان شيخون الاستراتيجية في جنوب إدلب ومن ريف حماة الشمالي المجاور، لتصبح أكبر نقطة مراقبة تركية موجودة في المنطقة بموجب تفاهم بين أنقرة وموسكو تحت مرمى نيران قوات النظام.
وتتعرض مناطق في محافظة إدلب وأجزاء من محافظات مجاورة، تحت سيطرة هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) وتوجد فيها فصائل معارضة أقلّ نفوذاً، لقصف شبه يومي من قوات النظام وحليفتها روسيا. وبدأت قوات النظام في الثامن من الشهر الحالي التقدم ميدانياً في ريف إدلب الجنوبي.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الانسان امس الثلاثاء عن انسحاب «هيئة تحرير الشام والفصائل المعارضة من مدينة خان شيخون ومن ريف حماة الشمالي الواقع جنوبها، فيما تعمل قوات النظام حالياً على تمشيط المدينة».
ونفى متحدّث باسم هيئة تحرير الشام في بيان على حسابه على تطبيق تلغرام انسحاب قواته من ريف حماة الشمالي، متحدثاً عن «إعادة تمركز» قواته جنوب خان شيخون بعد قصف شديد من قوات النظام التي تتبع «سياسة الأرض المحروقة».
وجاء انسحاب الفصائل بعد ساعات من سيطرة قوات النظام بإسناد جوي روسي على أكثر من نصف المدينة، وتمكنها من قطع الطريق الدولي حلب – دمشق أمام تعزيزات عسكرية أرسلتها أنقرة وكانت في طريقها إلى ريف حماة الشمالي، حيث توجد أكبر نقطة مراقبة تركية في بلدة مورك.
ويمر جزء من هذا الطريق في ريف إدلب الجنوبي وريف حماة الشمالي، وهو يربط مدينة حلب (شمال) بدمشق، ويقول محلّلون إنّ النظام يريد استكمال سيطرته عليه.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس، «باتت نقطة المراقبة التركية الموجودة في مورك بحكم المحاصرة، ولم يبق أمام عناصرها إلا الانسحاب عبر طرق تحت سيطرة النظام ميدانياً أو نارياً».
وأعلنت أنقرة امس الاول الإثنين تعرض رتل تعزيزات عسكرية وصل إلى ريف إدلب الجنوبي لضربة جوية، تسببت بمقتل ثلاثة مدنيين، لكن المرصد قال إنهم من مقاتلي المعارضة.

«إشارات تحذير»
ولم يتمكن الرتل، من إكمال طريقه بعد تعرض مناطق قريبة منه للقصف وفق المرصد، ما دفعه الى التوقف منذ بعد ظهر الإثنين على الطريق الدولي في قرية معر حطاط شمال خان شيخون.
وتتعرض طرقات مؤدية إلى المنطقة امس الثلاثاء لغارات وقصف بالمروحيات، وفق مراسل فرانس برس.
وكانت دمشق نددت امس الاول الإثنين بدخول التعزيزات التركية، وقالت إنها «محملة بالذخائر.. في طريقها إلى خان شيخون لنجدة الإرهابيين».
وأوردت صحيفة الوطن المقربة من دمشق في عددها امس الثلاثاء أن «الطيران الحربي السوري نفذ صباح أمس قصفاً بالرشاشات» على فصيل معارض «كان يستطلع الطريق أمام الرتل التركي». وذكرت أن الجيش «أرسل وعلى طريقته رسالة واضحة للنظام التركي، بإرغامه الأرتال العسكرية المرسلة من أنقرة لنجدة إرهابيي خان شيخون على وقف تقدمها».
وبحسب الوطن، فقد وجه الجيش «إشارات تحذير واضحة لأي محاولة إنعاش تركية جديدة للإرهابيين، معلناً في الوقت ذاته قرب انتهاء المعادلات التي فرضتها اتفاقية مناطق خفض التصعيد وما تبعها من نشر للنقاط العسكرية التركية، وهذه المرة بدعم روسي مؤكد».
وإدلب مشمولة باتفاق روسي تركي لخفض التصعيد واتفاق آخر تمّ توقيعه في سوتشي في أيلول نصّ على إنشاء منطقة منزوعة السلاح تفصل بين قوات النظام والفصائل وانسحاب الجهاديين منها. وجنّب الاتفاق الأخير إدلب هجوماً لطالما لوّحت دمشق بشنّه، وإن كان لم يُستكمل تنفيذه.
ويقول الباحث المتابع للشأن السوري سامويل راماني لفرانس برس إن «التطورات الأخيرة في خان شيخون ذات أهمية لأنها قد تكون بمثابة شرارة لاندلاع مواجهات بين الأسد وروسيا من جهة وتركيا من جهة ثانية».
ويرجّح أن يكون هدف دمشق من اتهام أنقرة «بالتدخل» العسكري هو أن «تُظهر تركيا وليس الجيش السوري، وكأنها المنتهكة الأبرز لاتفاق» سوتشي، متوقعاً ألا يصدر أي انتقاد من روسيا لأداء تركيا، كونها تعد تحالفهما في استانا حول سوريا «أولوية مطلقة».وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكد الإثنين لنظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون أن بلاده تدعم «جهود الجيش السوري ، لوضع حد لهذه التهديدات الإرهابية».
وتنشر أنقرة العديد من نقاط المراقبة في إدلب لضمان تنفيذ بنود اتفاق سوتشي، لكن دمشق تتهمها بالتلكؤ في تطبيقه.
ويقول الباحث في مجموعة الأزمات الدولية سام هيلر لفرانس برس «أثبتت دمشق وحليفها الروسي أن نقاط المراقبة التركية قد تعقّد التقدم العسكري على الأرض، في ظل رغبتهما بتجنب إيقاع ضحايا في صفوف الجنود الأتراك، إلا أنّ هذه النقاط لا تكفي لردعهما عن المضي قدماً».
ومن غير الواضح وفق هيلر، ما إذا كنت دمشق وموسكو ستواصلان تقدمهما ميدانياً أم ستكتفيان بثبيت مواقعهما الجديدة.
وتوقّع محللون في وقت سابق أن تكتفي قوات النظام في مرحلة أولى باستعادة الطريق الدولي الذي يضمن مصالحها بموجب تفاهم بين روسيا وتركيا.
وأرسى اتفاق سوتشي بعد توقيعه هدوءاً نسبياً في إدلب ومحيطها، قبل أن تبدأ قوات النظام التصعيد في نهاية نيسان وانضمام الطائرات الروسية إليها.
وتسبّب التصعيد بمقتل أكثر من 860 مدنياً وفق المرصد، ونزوح أكثر من 400 ألف شخص، وفق الأمم المتحدة.
وتشهد سوريا نزاعاً دامياً تسبّب منذ اندلاعه في 2011 بمقتل أكثر من 370 ألف شخص وأحدث دماراً هائلاً في البنى التحتية وأدى الى نزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة