بابلو نيرودا.. هل قتل مسموما

سوران محمد

توفي نيرودا، وهو شاعر مشهور وسياسي ودبلوماسي وبوهيمي، في عام 1973 عن عمر ناهز 69 عامًا، بعد أيام قلائل فقط من اطاحة بينوشيه (قائد الجيش الشيلي السابق) الذي أطاح بالرئيس الاشتراكي سلفادور أليندي في انقلاب دموي.
في اوائل عام 2011 أعلن خبراء دوليون أن بابلو نيرودا الحائز على جائزة نوبل لم يمت بسبب السرطان، لكنهم لم يتمكنوا من تحديد ما إذا كان قد تم اغتياله على يد نظام الدكتاتور الراحل أوغستو بينوشيه.
وكان الكاتب أيضًا عضوًا بارزًا في الحزب الشيوعي التشيلي، يستعد للفرار إلى المنفى في المكسيك لقيادة المقاومة ضد نظام بينوشيه، لكنه توفي في عيادة سانتياغو حيث كان يعالج من سرطان البروستاتا.
وقال اوريليو لونا في مؤتمر صحفي نيابة عن لجنة من الخبراء «شهادة (الوفاة) لا تعكس السبب الحقيقي للوفاة» في اشارة الى التفسير الرسمي بأن السرطان قتل الكاتب الشهير.

في البدء ظهرت شكوك عام 2011، عندما ادعى سائقه السابق ومساعده الشخصي أن نيرودا تلقى حقنة غامضة في صدره قبل وفاته مباشرة.
ومن المعروف ان بينوشيه، الذي حكم شيلي لمدة 17 عامًا، نصب نظامًا قتل فيه نحو 3200 ناشطا يساريا وغيرهم من المعارضين المشتبه بهم.
ومن الجهة الاخری يقول مجموعة من المحققين الدوليين إنه لا يوجد دليل على أن الشاعر بابلو نيرودا قد تسمم، وكشف العلماء الذين استخرجوا رفات نيرودا في أبريل 2013 تفاصيل التحقيق الذي أجراه في تلك الفترة، مؤكدين أن الشاعر الحائز على جائزة نوبل عانى من سرطان البروستاتا عندما توفي قبل أربعة عقود.
لكن النتائج لم توقف الشكوك من أحد أفراد عائلة نيرودا، الذي أخبر شبكة (سي إن إن تشيلي) بأنه لا يزال يكافح من اجل الحصول على إجابات حول سبب وفاة الشاعر عام 1973.
وقال ابن شقيق (رودولفو رييس) في مقابلة مع شبكة سي إن إن «هذا هو التقرير الأول الذي يفتح الباب أمامنا لطلب اختبارات جديدة».
مع ان سائق نيرودا السابق قدم نظرية أخرى حول مقتله، مدعيا أن نيرودا قد تسمم في العيادة حيث كان يخضع للعلاج.
لكن في نفس الاونة صدر تقرير آخر الصادر عن فريق من العلماء إن الباحثين لم يعثروا على «أدلة جنائية» تدعم مقتل نيرودا بأي شيء غير الأسباب الطبيعية.
وقال التقرير «لم يتم العثور على عوامل كيماوية ذات صلة يمكن أن تكون مرتبطة بوفاة السيد بابلو نيرودا.»
جدير بالذكر قد توفي نيرودا في 23 سبتمبر 1973، بعد 12 يومًا فقط من إطاحة انقلاب عسكري يميني بالرئيس الاشتراكي سلفادور الليندي وقد تولى قيادة الانقلاب الجنرال أوغستو بينوشيه وقد نجح في تولي السلطة.
من المعروف الی كل من اهتم بشأن التشيلي آنذاك بأن االشاعرقد انتقد الانقلاب وبينوشيه معا في مناسبات عدة وانه‌ کان من اعضاء الحزب الشيوعي.
لكن فقط بعد أقل من أسبوعين من الانقلاب، توفی الشاعر وهو راقد في المستشفی لأخذ علاج البروستات.
وقد كشف السائق (مانويل أرايا) سرا آخر للشاعر عندما قال «إنه كان يخطط للذهاب إلى المنفى في اليوم التالي، ولم يكن توقيت وفاته صدفة».
وقال أرايا لشبكة (سي إن إن تشيلي) في وقت سابق في نفس العام: «أعتقد أن بابلو نيرودا قُتل، لأن بابلو نيرودا كان شخصية مهمة للغاية في التاريخ، لهذا البلد والعالم». « انه كان قد ينوي الذهاب إلى المنفى في 24 سبتمبر عام 1973 ولكن تم اغتياله قبل ذلك».
كان نيرودا شخصية سياسية وجماهيرية معروفة، حيث عمل كمشرع ودبلوماسي بالإضافة إلى مهنته الأدبية، وقد نال جائزة نوبل في عام 1971.
من الجدير بالذكر في زمن حكم بينوشية اختفى آلاف الأشخاص أو ماتوا أثناء حکمه بأسباب غامضة، واتهم الكثيرون حكومته باستخدام فرق الموت للقضاء على المعارضين السياسيين.
وقال المحامي (إدواردو كونتريراس) الذي مثل قضايا الحزب الشيوعي التشيلي للصحفيين إن المزيد من الاختبارات على رفات نيرودا ضرورية.
وقال كونتريراس «قضية بابلو نيرودا ليست مغلقة».
اما في عام 2015 قد نص تقرير وزارة الداخلية الشيلية الذي حصلت عليه EL PAÍS على أن نيرودا لم يمت «نتيجة لسرطان البروستاتا الذي كان يعاني منه»، ولكن «كان من الواضح ومن المحتمل للغاية» أنه قُتل نتيجة «لتدخل الجهة الثالثة في الموضوع.»
قام القاضي كاروزا بجمع الأدلة، بما في ذلك الشهادات والوثائق الرسمية منذ عام 2011 ومع ذلك، فهو غير قادر على اتخاذ قرار نهائي بشأن القضية حتى يتلقى نتائج دراسة الطب الشرعي الهامة التي يمكن أن تثبت مزاعم القتل.
وقال القاضي: «لقد تابعنا التحركات المتداخلة والتي أدت الی حدوث شيء غريب خلال أيامه الأخيرة». كان نيرودا مصابا بالسرطان لكنه لم يكن يعاني، ولم يكن مصابا. لكن في 23 سبتمبر تدهورت حالته الصحية فجأة وتوفي بعد ست ساعات ونصف «.
وقال كاروزا إنه ينتظر نتائج آخر اختبار علمي أجري في مايو، والذي وجد أن نيرودا مصاب بالبكتريا العنقودية الذهبية، والتي يمكن أن تكون شديدة السمية وتؤدي إلى الوفاة.
في النهاية علينا الاشارة بأن من الواضح ليست قضية نيرودا هي القضية الوحيدة التي تثير الشكوك حول موضوع التسمم لشخصية سياسية في شيلي. ففي عام 1982 توفي الرئيس السابق إدواردو فراي مونتالفا، وهو ديمقراطي مسيحي بلغ من العمر 71 عامًا وخدم قبل الليندي، بعد أيام قليلة من خضوعه لـ (عملية جراحة فتق روتينية) في مستشفى سانتياغو، ولقد كان ناقدًا متحمسًا لبينوشيه کذلك.
أما بالنسبة للشاعر المشهور نيرودا فأن موته المفاجئ ونشاطه السياسي، أديا بكثير من الناس (بمن فيهم عائلته) أن يرجحوا نظرية مقتل الشاعر بالتسمم بأمر من بينوشيه الدکتاتور آنذاك.

المصادر:
Ndtv -1
Edition.cnn.com -2
3 – Elpais/2015/11/05

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة