هل سنشهد محاكمة اطفال داعش في المحاكم الدولية ؟


ليان ارموند

ترجمة ـ سناء علي:

الجهود ما زالت حثيثة من قبل المجتمع الدولي ومنظمات المجتمع المدني في وضع الية استراتيجية محنكة في سبيل احتواء ما يسمى بـ” القنابل الموقوتة ” لتنظيم داعش الإرهابي.

هذا الوصف تم اطلاقه على اطفال عناصر تنظيم داعش الذين ولد كثير منهم في ظل “دولة الخلافة”، كما كان هناك عدد كبير منهم في سن صغيرة عندما استولى التنظيم على مساحات واسعة من العراق وسوريا

هناك اليوم أطفال هم بقايا مقاتلي التنظيم الذين يقدر عددهم بـ40 ألف مقاتل جاؤوا إلى العراق وسوريا من أكثر من 80 دولة، محتجزين حالياً في معسكرات وسجون في أنحاء مختلفة من شرق سوريا والعراق وليبيا.

زيارات الصليب الاحمر الميدانية للاراضي السورية التي شهدت صراعات بين الجيش السوري وتنظيم داعش الارهابي كانت حصيلتها مقتل الالاف من السوريين المدنيين ونزوح المئات , حيث يتساءل فابريزيو كاربوني، مسؤول الصليب الأحمر، وهو يشاهد أوضاعهم خلال زيارته لمعسكر “الحول” في سوريا: “ماذا فعل هؤلاء الأطفال؟”.

وبرغم أنهم أطفال فإن حكوماتهم ترفض التعامل معهم ليجدوا أنفسهم في مخيمات وسجون بائسة دون أدنى اهتمام.

استخدم تنظيم “داعش” الأطفال كجواسيس وكشافين وطهاة وزارعي قنابل، وأحياناً كمفجرين انتحاريين ومقاتلين، كما أظهرت ذلك أشرطة بثها التنظيم لأطفال صغار وهم ينفذون عمليات قطع رأس وإطلاق نار على سجناء، البعض منهم عاشوا سنوات يتلقون دروساً على يد عناصر التنظيم، والأكبر سناً منهم كانوا يتلقون تدريبات عسكرية.

* عن صحيفة “نيويورك تايمز”

ويقول بيتر نيومان، مدير المركز الدولي لدراسة التطرف في جامعة كينجز كوليدج في لندن: “إنهم ضحايا الوضع لأنهم خالفوا إرادتهم، لكن هذا لا يعني أنهم ليسوا كذلك في بعض الحالات، ويشكلون خطراً”.

وتشير الإحصائيات إلى وجود ما لا يقل عن 13 ألفاً من أتباع “داعش” محتجزين في سوريا، من بينهم 12 ألف امرأة وطفل، ولا يشمل هذا العدد ما يقدر بنحو 31 ألف امرأة وطفل عراقي محتجزين هناك، و1400 آخرين محتجزين بالعراق.

وفي المخيمات التي تغص بساكنيها في شرق سوريا، تموت زوجات وأطفال مقاتلي التنظيم الذي فروا من آخر مناطق سيطرة “داعش”، بسبب سوء التغذية وانتشار الأمراض.

يقول لورنزو فيدينو، مدير برنامج جامعة جورج واشنطن للتطرف: في الحقيقة القليل من المتطرفين يعودون لشن هجمات في بلدانهم الأصلية , كما ان أغلب الحكومات الأجنبية، ترفض إعادة مواطنيها الذين كانوا أعضاء في التنظيم، كما ترفض إعادة أطفالهم ونسائهم.

لكن الحالات الاستثنائية -ومن بينها هجمات باريس عام 2015 التي أودت بحياة 130 شخصاً واثنين من أكثر الهجمات الإرهابية دموية في تونس- جعلت فكرة الإعادة إلى الوطن سامة من الناحية السياسية في العديد من البلدان، فواحد في الأقل من المفجرين الذين نفذوا الهجوم في سريلانكا بعيد الفصح كان سريلانكياً تدرب مع تنظيم الدولة في سوريا.

أن بعض الدول، مثل بريطانيا وأستراليا، سحبت الجنسية عن مواطنيها الذين تشتبه بانضمامهم لتنظيم “داعش”، كما تخلت عن أطفالهم لأجل غير مسمى، فبريطانيا وحدها سحبت جنسية أكثر من 150 شخصاً بحسب ما صرح به وزير الداخلية ساجد جاويد.

ويقول شيموس هيوز، نائب مدير برنامج جورج واشنطن: “من الناحية التاريخية، كان المقاتلون الذين اكتسبوا خبرة مع مجموعة متطرفة هم الذين شكلوا مجموعات جديدة”.

وتابع: “هل نتجاهل المشكلة لأنها أسهل في المدى القصير؟ إذا كان الأمر كذلك فسوف تصبح مشكلة على المدى الطويل”.

لكن إعادة هؤلاء الأشخاص إلى ديارهم تتطلب من الحكومات الأجنبية الإجابة عن أسئلة مستحيلة فعلياً، مثل كيفية الفصل بين مرتكبي الجرائم وأولئك الذين لا يرتكبونها، وأولئك الذين ما زالوا يشكلون تهديداً من الذين ليسوا كذلك، بحسب الصحيفة.

والإجابة عن مثل هذه التساؤلات تصبح أصعب إذا كان الأمر يتعلق بعشرات الآلاف من النساء والأطفال المرتبطين بتنظيم “داعش”.

النظرة الشائعة، هي أن نساء “داعش” كُنّ فريسة للتنظيم بعد إغرائهن بالانضمام للخلافة والزواج من مقاتلي التنظيم، غير أن هذه النظرة انهارت بعد أن تبين أن كثيراً من نساء التنظيم يؤمن بأفكاره، بل إن بعضهن حملن السلاح للقتال إلى جانب المقاتلين.

وتقول ميريديث لوكين، أستاذة مساعدة في جامعة ماساتشوستس بأمهيرست: “إن الخطاب الصادر عن وسائل الإعلام والسياسيين هو أنهن تعرضن لغسل دماغ، وهن مخدوعات ولا يعرفن ماذا يفعلن، ولكن تبين لاحقاً أنه حتى لو لم يحملن السلاح فإن كثيرات منهن أسهمن في نشاطات هذا التنظيم”. ويعتقد بعض الخبراء أنه يجب إحضار أعضاء “داعش” إلى بلادهم لمحاكمتهم أو مراقبتهم، وهو أكثر أمناً وأكثر إنسانية، بدلاً من تركهم في مخيمات الصحراء أو للقضاء العراقي.

وبعض الدول رأت أن العراق يمكن أن يحاكمهن على غرار محاكمته لأعضاء “داعش”، وهو ما دفع بالولايات المتحدة لتسليم بغداد نحو 150 عنصراً من أعضاء التنظيم، بينهم عراقيون وأجانب.

لكن يجادل العديد من الخبراء بأن التخلي عن أتباع “داعش” في المعسكرات أو رهن العدالة العراقية قد يؤدي فقط إلى تأجيل الحساب إلى وقت لاحق.

العديد من الدول، اقترحت محكمة دولية لمحاكمة المشتبه بهم من أعضاء “داعش” وأتباعهم، وهي الفكرة التي رأى البعض أنها غير عملية ومكلفة ومحدودة الفعالية، لتبقى مشكلة أطفال ونساء تنظيم الدولة مؤجلة الحل إلى حين.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة