فوضى نقل الصلاحيات !

مضى اكثر من عامين على الشروع بتنفيذ نقل الصلاحيات من المركز الى المحافظات وكان بمقتضى هذا الاجراء ان يجري تدريجيا نقل مهام ثماني وزارات الى الادارات المحلية في المحافظات حيث نصت المادة (45) من قانون التعديل الثاني لقانون المحافظات غير المنتظمة في إقليم رقم (21) لسنة 2008 الذي صوت عليه البرلمان في جلسته التي عقدت في الـ( 23 من حزيران 2013) على ان تؤسس هيئة تسمى (الهيئة العليا للتنسيق بين المحافظات) برئاسة رئيس مجلس الوزراء وعضوية وزراء (البلديات والأشغال العامة والإعمار والإسكان والعمل والشؤون الاجتماعية والتربية والصحة والتخطيط والزراعة والمالية والرياضة والشباب) ووزير الدولة لشؤون المحافظات والمحافظين ورؤساء مجالس المحافظات تتولى نقل الدوائر الفرعية والأجهزة والوظائف والخدمات والاختصاصات التي تمارسها تلك الوزارات مع اعتماداتها المخصصة لها بالموازنة العامة والموظفين والعاملين فيها إلى المحافظات في نطاق وظائفها المبينة في الدستور والقوانين المختصة بصورة تدريجية وضمن سقف زمني لا يتجاوز العامين ويبقى دور الوزارات في التخطيط للسياسة العامة. وقد تعثر تنفيذ هذه المهام لعدة شهور برغم الاجراءات والمخاطبات والاجتماعات التي عقدت برئاسة رئيس الوزراء في اكثر من محافظة ويبدو ان هذه المهمة تواجه اليوم تحديات كبيرة ناجمة عن عدم استكمال الاستعدادات في كثير من المحافظات لنقل الصلاحيات برغم التصريحات التي يطلقها عدد من المحافظين بالانتهاء من هذه الاستعدادات وماتشهده اليوم دوائر المحافظات هو عبارة عن فوضى وشلل كبيروتكدس كبير من المخاطبات للخروج من هذا التشابك ومن هذا التقاطع بين الادارات المحلية وبين الوزارات الاتحادية وتدخل مجالس المحافظات في كثير من القرارات وتوقف عشرات المشاريع الخدمية مع وجود تنازع على تنفيذ هذه المشاريع واذا علمنا ان ان هناك مشكلات ادارية ومالية كبيرة تواجه فك ارتباط الموظفين في الملاك العام لدوائر المحافظات بالوزارات الاتحادية فان الانشغال بهذه المشكلات سيترك اثاره السيئة على اداء هؤلاء الموظفين وفي الوقت نفسه سيخلق روتين وتعقيد في آليات المخاطبات الإدارية وتأخر انجاز آلاف المعاملات التي تخص المواطنين وواقع الحال يشير الى ان المحافظات تعاني اليوم شللا كبيرا في المرافق المعنية بانجاز المخاطبات الادارية وتداخلا كبيرا بين سلطات مجالس المحافظات والوزارات الاتحادية وصلاحيات المحافظ مما يدعو الى مراجعة سريعة لهذه المعوقات وهذه التحديات واعادة النظر بتجربة نقل الصلاحيات برمتها بما يدعم الادارات المدنية للمحافظات ويبعد سطوة التدخل في اداء الادارات المدنية مع وجود رقابة مالية وادارية من قبل مجلس النواب على المشاريع التي يجري تنفيذها في المحافظات اما ان تترك الامور للاقتراحات والاجتهادات مع فقدان شرعية عمل اعضاء مجالس المحافظات بانتهاء المدة الدستورية لانتخابهم فهو لايعني سوى الاستمرار في هذه الفوضى الكبيرة وخسران المزيد من الجهود والاموال والوقت ومن المناسب هنا اعادة طرح الاقتراح الذي يرغب فيه الكثيرون المتمثل بالغاء جميع الحلقات الفائضة التي تحيط بعمل المحافظين والاقتصار على وجود معاونين له ومستشارين وتقليص عدد اعضاء مجلس المحافظة الى اكثر من النصف .
د.علي شمخي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة