الاستثمار في الاستقرار

انطلقت يوم امس في شرم الشيخ بمصر اعمال القمة العربية الاوروبية تحت شعار (في استقرارنا نستثمر ) بمشاركة عدد من الزعماء الاوروبيين والعرب ولايبدو غريبا ان تتخذ هذه القمة شعارا اقتصاديا خالصا في ضوء التحديات الكبيرة التي يشهدها العالم وتزايد المخاوف من زعزعة الاستقرار وانعكاساته على الاستثمار في العالم العربي فالارهاب الذي ضرب قلب اوروبا ومايزال يهدد امن دولها شكل سببا رئيسا في دفع الحكومات الاوروبية لاعادة النظر في السياسات المتبعة لحماية الاقتصاد والبحث عن سبل جديدة تمكن الشركات والمستثمرين في تعزيز حضورهم في ميادين العالم العربي.
كما تسببت الهجرة الواسعة الى دول اوروبا في صنع معادلات جديدة تتحكم بالعلاقات الاقتصادية مابين الشرق والغرب وحتم على عدد من الاتحادات والمنظمات المعنية بتطوير وتعميق العلاقات داخل اوروبا وداخل العالم العربي بذل جهود جديدة لدراسة هذه الظاهرة حيث اضطلع الاتحاد الاوروبي في السنوات الاخيرة بهذا الدور وعكفت اللجان المنبثقة عن اجتماعاته الدورية على وضع عدد من المقترحات من اجل ايجاد السبل الكفيلة بمعالجة تداعيات الهجرة من العالم العربي الى البلدان الأوروبية.
ومن جانبها كثفت الجامعة العربية من اتصالاتها وبذلت جهودا داخلية وخارجية لتنبيه الحكومات العربية الى مخاطر تصاعد الهجرة من العالم العربي واذا كان الاتحاد الاوروبي وجامعة الدول العربية يبذلان جهودا متقاربة من اجل تحديد اوجه التعاون بين اوروبا والعالم العربي لمواجهة التحديات والمشكلات التي تقف عائقا امام توسيع التعاون المشترك بينهما فان الانقسام يبدو واضحا تجاه الزوايا الممكن استهدافها في تحقيق مثل هذا التعاون فالدول العربية ليست هي بمستوى واحد في تقرير الاولويات في مثل هذه الملفات كما ان الخلافات بين الدول الاوروبية في التعامل مع ملف الهجرة هي ايضا اسهمت في تشتيت الرؤى والافكار لوضع اطار واضح لحل المشكلات وبالتالي فان قمة شرم الشيخ تمثل استشعارا مصريا واستشرافا للمستقبل يمكن لجمهورية مصر فيه ان تتولى مقاليد ادارة دفة العمليات في مفاصل التعاون الاوروبي العربية انطلاقا من ريادتها في العالم العربي وقدرتها على جمع الفرقاء والاتصال بشتى الاطراف من اجل تأمين النجاح للخطط والاليات التي تؤسس لتعاون اقتصادي يكون الاستثمار فيه اساسيا للنهوض بواقع منطقتنا وهذا لايتحقق مالم يتم تعزيز الجهود الاقليمية لتثبيت دعائم الاستقرار والقضاء على اخر ماتبقى من بؤر الارهاب بالتعاضد والتكامل مابين الدول العربية وبالدعم الاوروبي وبالاتفاق على اجراءات موحدة تتيح للجميع المساهمة فيها ومن ثم جني ثمار هذا التعاون وهذا التكاتف وفي كل الاحوال ليس هناك من يخسر في مثل هذه التجمعات الاقتصادية العالمية سوى من يريدون للجهل والظلام والفقر والفوضى ان تشيع في منطقتنا .
د. علي شمخي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة