لا يبدو ان الطبقة السياسية في العراق استوعبت جيدا الدروس

الماضي وما تسببت به تصرفات بعض الأحزاب والشخصيات المنضوية فيها تدل على أن مستوى الوعي لايزال في انحدار خاصة فيما يتعلق بفسح المجال أمام الكفاءات النزيهة لتولي المسؤولية وإدارة بعض العناوين والمناصب والسؤال المهم الذي يجب ان نواجه به مثل هؤلاء الذين مايزالون يؤمنون بالمحاصصة الطائفية هو الاتكفي ستة عشر عاما كي نغادر هذا المستنقع الذي لم يجلب للعراق وشعبه سوى الويلات وعمق من أسس الفشل والتراجع في جميع المجالات؟ ؟ ان إصرار بعض الأحزاب وممثليها داخل قبة البرلمان على التمسك بنهج المحاصصة يؤكد نفاق الكثير من المسؤولين في الوسط السياسي حينما يعلنون امام وسائل الإعلام والمحافل العامة تأييدهم لدعوات الإصلاح والتغيير ورفضهم لمنهج تقاسم المناصب والمصالح لكنهم في غرف الاجتماعات وفي جلسات التفاوض يجددون ايمانهم بهذا النهج ويلوحون بالانسحاب والرفض لأية مبادرات تستهدف تغيير الواقع السياسي في العراق والإنصات لأصوات الملايين الداعية إلى التغيير ووقف مسلسل الفشل والاخفاق المؤطر بالفساد ومايشهده العراق خلال هذه الأيام من جدل سياسي حول بعض المناصب الخدمية ومنها منصب أمين بغداد انعكس بشكل واضح على الرأي العام العراقي حيث بانت بشكل واضح مرامي المنافع الخاصة والالتفاف على المصلحة الوطنية ووصل الأمر إلى قبة البرلمان ومن الغريب ان يتم تشكيل كتلة سياسية داخل مجلس النواب باسم كتلة بغداد هدفها منع اي مرشح لمنصب امين بغداد ينحدر من مدن الفرات الأوسط والجنوب او الشمال من تولي هذا المنصب والإصرار على ان يكون هذا المنصب من حصة أهالي بغداد وهي دعوة معلنة لتثبيت نهج محاصصة أخرى هي المحاصصة المناطقية ويبدو أن قدر العراق والعراقيين سيبقى محاطا بهذا الخندق او السور فما ان نفلت من قبضة المحاصصة الطائفية بعناوينها الدينية والقومية والمذهبية حتى نقع في مستنقع آخر اسمه المناطقية ولم يلتفت دعاة هذا التفصيل المقيت لأسماء قادة ورموز وكفاءات أجنبية وعربية وعراقية تولت او ماتزال تتولى إدارة بعض المهام العليا في العواصم الأوروبية والعربية اعتمادا على سجلهم المهني وسيرتهم العلمية لا على اساس هويتهم او أنحدارهم الجغرافي فعمدة لندن باكستاني وعمدة مدينة ساوبولو البرازيلية لبناني وعضو المجلس البلدي في فيينا عمر الراوي من العراق وغيرهم من الأسماء الكفؤة التي حازت الثقة والنجاح في الامم الحية التي تحترم وتقدر مثل هؤلاء لان مستوى الوعي فيها يرتقي إلى منزلة التحضر فيما ماتزال امم أخرى تسود فيها عناوين التجهيل والظلام وتقبع شعوبها المظلومة في ميادين الفساد مجبرة لامختارة لهذا الحاضر المأساوي ومالم تغادر الأحزاب المنضوية في العملية السياسية مثل هذا التفكيرفان واقع الحال سيبقى يدور في حلقات فارغة لاتنفع البلاد وأهلها
د. علي شمخي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة