الإنتاج النفطي العراقي يبلغ أوجّه يقابله تراجع حاد في الإنتاج الإيراني/ مفارقة جديرة بالاهتمام

حظوظ بترولية متباينة…

بقلم: لهب عطا عبد الوهاب اقتصادي عراقي:

أولاً: الإنتاج العراقي
بلغت صادرات العراق النفطية أوجها في شهر آب الماضي بعد أن وصلت صادراته إلى 111.6 مليون برميل أو ما يعادل 3.7 مليون برميل يومياً بسعر تصدير بلغ 69.59 دولارا للبرميل وبعائد شهري وصل إلى 7.7 مليار دولار.
في المقابل بلغت عائدات العراق من تصدير النفط لشهر آب العام المنصرم 4.6 مليار دولار لقاء صادرات وصلت إلى 99.7 مليون برميل شهرياً أو ما يعادل 3.3 مليون برميل يومياً.
ويصنف العراق ضمن الاقتصادات الأحادية الجانب MONO_ECONOMY إذ تمثل العائدات النفطية فيه أكثر من 90% من موازنته العامة.
وقد وصلت عائدات النفط للأشهر الثمانية الماضية إلى 60 مليار دولار، وعند معدل سعر مزيج خام برنت المرجعي الذي يتراوح حالياً بين 72 إلى 77 دولاراً للبرميل فإن العائدات النفطية لعام 2018 مرشحة للارتفاع إلى أكثر من 100 مليار دولار بما يمكن العراق من تجسير الفجوة في موازنته العامة.
يذكر أن الاقتصاد العراقي عانى بشدة من الحرب الضروس ضد تنظيم داعش بعد أن تمكن التنظيم الإرهابي من احتلال ثلث الأراضي العراقية عام 2014 قبل أن يتم طرده من الموصل آخر معاقله بالكامل إثر هجوم كاسح للجيش العراقي الذي استنزف الكثير من الموارد المخصصة للتنمية الاقتصادية.
ويعاني العراق من الفساد الذي استشرى كالنار في الهشيم على نطاق واسع، وقد شهد الصيف الحالي أسابيع من المظاهرات والاحتجاجات لاسيما في المحافظات الجنوبية التي تعاني من التهميش والتي بلغت ذروتها قبل أيام في محافظة البصرة التي تعاني من نقص حاد في الخدمات.
ويعد العراق اليوم ثاني أكبر منتج للنفط في أوبك بعد السعودية مباشرة بعد أن كان لسنوات يحتل المرتبة الثالثة بعد إيران.
وقد وصل الإنتاج العراقي الحالي إلى 4.7 مليون برميل يومياً.

ثانياً: إيران
بدأت العقوبات الاقتصادية المفروضة على أيران تؤتي أكلها بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي المبرم مع إيران عام 2015 أو ما يعرف بــ (5+1) على أن تبلغ العقوبات ذروتها في 4 تشرين الثاني القادم حيث ستطال العقوبات الصادرات النفطية الإيرانية، في حين دخلت عقوبات جزئية تشمل التجارة بالذهب وتجارة السيارات حيز التنفيذ 7 آب الماضي.
وكانت الولايات المتحدة قد طلبت من شركائها خفض وارداتها من النفط الإيراني إلى الصفر بدءاً من 4 تشرين الثاني نوفمبر القادم بالضغط على إيران قبول التفاوض على اتفاقية نووية جديدة وللعمل كذلك على الحد من نفوذ إيران في منطقة الشرق الأوسط.
وقد وصلت الصادرات الإيرانية من النفط الخام والمكثفات CONDENSATES (أي النفط الخفيف جداً الذي ينتج من حقول إيران من الغاز الطبيعي) في شهر آب الماضي عند 64 مليون برميل أو ما يعادل 2.060 مليون برميل يومياً، مقابل ذروة وصلت إلى 92.8 مليون برميل أو ما يعادل 3.090 مليون برميل في شهر نيسان 2018.
ولغرض جذب الزبائن للنفط الإيراني في ظل الانخفاض الكبير في الصادرات أعلنت شركة النفط الوطنية الإيرانية عن خصومات كبيرة لنفوطها الثقيلة لشهر أيلول الجاري والذي يعد الأكبر من عام 2004.
ويأتي ذلك بعد أن أعلن العديد من شركاء إيران الرئيسيين بالإضافة إلى البنوك وشركات التأمين عن تعليق تعاملها بالنفط الإيراني، ووقف تعاملاتها التجارية والمالية.
الصين: شهدت المبيعات الإيرانية للصين خلال شهر آب انخفاضا ملموساً ليصل حجم صادراتها إلى 18.4 مليون برميل مقابل 24 مليون برميل لشهر تموز المنصرم.
الهند: بلغت حجم الصادرات الإيرانية للهند في شهر آب 8.2 مليون برميل انخفاض قدره 2 مليون برميل لكل شهر بدأ من شهر نسان الماضي.
اليابان: انخفضت صادرات إيران لليابان إلى 3.4 مليون برميل يومياً خلال شهر آب في حين لم تشهد الصادرات الإيرانية أي شحنات نفطية لكوريا الجنوبية من شهر تموز الماضي.
أوروبا: إنخفضت الشحنات الإيرانية النفطية المتوجهة إلى أوروبا إلى 12 مليون برميل لشهر آب مقابل أكثر من 22 مليون برميل لشهر آذار.
وخشية من أن يؤدي التعامل مع الصناعة النفطية الإيرانية إلى فرض عقوبات اقتصادية من قبل الولايات المتحدة على الشركات التي تتعامل مع إيران أعلنت شركة النفط الفرنسية العملاقة «توتال» عن وقف استثماراتها بالكامل في حقل بارس الجنوبي العملاق.

ثالثاً: التهديدات الإيرانية لغلق مضيقي هرمز وباب المندب.

في حين أن العقوبات الاقتصادية الأمريكية لن تحد من قدرة إيران من تصدير نفطها بالكامل إذ بإمكانها رغم ذلك من تصدير مليون برميل يومياً عبر منافذ التصدير المتاحة، ومن هنا فإن إقدام إيران على غلق مضيق هرمز أو مضيق باب المندب حتى وإن كان بشكل جزئي الأمر الذي يستبعده المراقبون سيفضي إجراء كذلك إلى خنق الصادرات الإيرانية ناهيك عن الصادرات الخليجية.
الجدير بالذكر أن كميات النفط التي تعبر مضيق هرمز تقدر بـ 18 مليون برميل يومياً أو ما يعادل ثلثي التجارة البحرية للنفط الخام.
كما أن غلق المضيق سيؤدي إلى خلق نقص حاد في الإمدادات في الأسواق العالمية والارتفاع غير المسبوق للأسعار ما يؤثر سلباً على نمو الاقتصاد العالمي.

رابعاً: إنخفاض سعر صرف الريال الإيراني وأثره على السياحة الدينية في العراق
كان سعر صرف الريال الإيراني مطلع عام 2018 يتم تبادله مقابل الدولار الأمريكي عند 43 ألف ريال، بيد أنه إنخفض بشكل ملموس منذ ذلك الحين، ليتم تبادله لقاء الدولار عند 120 ألف ريال. وعلى الزائر الإيراني دفع رسوم فيزا قدرها 40 دولاراً. عند زيارته للعراق وعند سعر الصرف الحالي للدولار إنخفض عدد الزوار للعتبات المقدسة (النجف، كربلاء، كاظمية، سامراء) بشكل كبير. إن إنخفاض السياحة الدينية و/أو إلغاء الحجوزات له تأثير بالغ على الإقتصاد العراقي إذ توظف السياحة الدينية بشكل مباشر أو غير مباشر أكثر من نصف مليون شخص. وتساهم السياحة الدينية بما مقداره 3% من الناتج المحلي الإجمالي GDP أو ما يعادل 5 مليار دولار سنوياً وفقاً لإحصاءات مجلس السياحة والسفر العالمي. وكان لتراجع السياحة الإيرانية أثرا ملموساً على الحجوزات الفندقية إذ شهدت شواغر كبيرة بعد عزوف الحجاج الإيرانيين عن زيارتها علماً أن هناك أكثر من 285 فندقاً في مدينة النجف تعاني غرفها من الخواء التام. في المقابل فإن إنخفاض سعر صرف الريال الإيراني مقابل الدولار الأمريكي يعد عامل جذب للحجاج العراقيين لزيارة العتبات المقدسة في قم ومشهد (مرقد الإمام رضا) زرافات وفرادى.
ويعاني قطاع النقل هو الآخر من إلغاء الحجوزات إذ بعد أن كان مطار النجف يستقبل 35 رحلة يوميا إنخفض عددها إلى 12 رحلة يومية فقط.
خلاصة القول: مع بدء سريان العقوبات الإقتصادية الشاملة ضد إيران بدأ من 4 تشرين ثاني القادم سيحبس الجميع أنفاسه، إنتظاراً لما ستؤول إليه الأمور… إذ إن منطقتنا مرشحة لإتون أحداث جسام في قادم الأيام.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة