تظاهرات كبرى في لندن تطالب بمعاقبة إسرائيل على جرائمها
لندن- ابتسام يوسف طاهر ووكالات:
دعت دول منظمة التعاون الإسلامي في ختام قمّة استثنائية في اسطنبول أمس الأول الجمعة إلى «توفير الحماية الدولية» للفلسطينيين من خلال «إيفاد قوة دولية للحماية»، مؤكدة «إدانتها الشديدة للفظائع الاسرائيلية» في قطاع غزة.
وأكدت الدول الـ57 المنضوية في المنظمة في البيان الختامي للقمة على ادانتها «بأشد العبارات الافعال الإجرامية للقوات الاسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني في الأرض الفلسطينية المحتلة، ولا سيما في قطاع غزة» حيث استشهد حوالى 60 فلسطينياً برصاص القوات الإسرائيلية خلال الأسبوع الماضي.
واتهم البيان الختامي إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتوفير «الدعم» لإسرائيل في ارتكابها هذه «الجرائم الوحشية»، مشيرة إلى أن هذا الدعم «يتّخذ أشكالاً منها حماية الاحتلال الاسرائيلي من المساءلة في مجلس الأمن».
ولفت البيان إلى أن «هذه الجرائم تأتي في أعقاب قرار الإدارة الأميركية غير القانوني نقل سفارتها رسمياً من إسرائيل إلى مدينة القدس المحتلة، ما شجّع الحكومة الإسرائيلية على التمادي في سلوكها الأرعن تجاه المدنيين الفلسطينيين».
واعتبر البيان خطوة واشنطن بنقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس «عملاً استفزازياً وعدائياً موجهاً ضد الأمة الإسلامية وضد الحقوق الوطنية الفلسطينية وانتهاكاً صارخاً للقانون الدولي».
وطالبت القمة في بيانها الختامي أيضاً «مجلس الامن والجمعية العامة والأمين العام للأمم المتحدة ومجلس حقوق الانسان والمقررين الخاصين والمفوض السامي لحقوق الانسان باتخاذ التدابير اللازمة لتشكيل لجنة دولية للتحقيق في الفظاعات التي ارتُكبت في قطاع غزة أخيراً».
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان شبّه في خطاب في افتتاح القمة «ما يعانيه الفلسطينيون حالياً بما عاناه اليهود إبان النازية». وقال أردوغان الذي وجه انتقادات لاذعة لإسرائيل ورئيس وزرائها بنيامين نتانياهو منذ مقتل أكثر من 60 فلسطينياً يوم الاثنين خلال احتجاجات على نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس: «لا فرق بين الفظاعات التي عانى منها اليهود في أوروبا قبل 75 عاماً والوحشية التي يعاني منها أشقاؤنا في غزة».
واتهم مضيف القمة قادة «شعب تعرض إلى أساليب التعذيب كافة في معسكرات الاعتقال خلال الحرب العالمية الثانية، بمهاجمة الفلسطينيين باستخدام أساليب مماثلة لتلك التي استخدمها النازيون».
واضاف اردوغان أن «ما تفعله إسرائيل إجرام ووحشية وإرهاب دولة»، بعد أن وصف سقوط القتلى في غزة بانه «مجزرة».
ومن شأن التصعيد مع اسرائيل واستضافة القمة الاسلامية أن يعززا رصيد اردوغان بين أنصاره في وقت تستعد تركيا لاجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في 24 حزيران.
وفي ظل أزمة دبلوماسية تهدد اتفاقا يعود للعام 2016 سمح بالاستئناف الكامل للعلاقات، أمرت أنقرة السفير الاسرائيلي بالمغادرة لمدة غير محددة واستدعت سفيرها في تل أبيب للتشاور، فيما أمرت إسرائيل القنصل التركي في القدس بالمغادرة لفترة غير محددة كذلك.
وانخرط اردوغان في سجال عبر «تويتر» مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الذي قال عنه ان يديه «ملطختان بالدم الفلسطيني».
بالمقابل كشفت مصادر ديبلوماسية غربية أن الإدارة الأميركية تجري اتصالات مع إحدى الدول العربية في شأن قطاع غزة، ما يثير قلق السلطة الفلسطينية وغضبها.
وأوضحت المصادر الديبلوماسية أن مبعوثين من البيت الأبيض زاروا دولة عربية في الأسابيع القليلة الماضية وأجروا اتصالات معها بحثوا خلالها الأوضاع الإنسانية والأمنية والسياسية في قطاع غزة، كما ناقشوا أموراً سياسية حساسة، مثل فرص إقناعها حركة «حماس» باتخاذ خطوات سياسية وأمنية في غزة، من قبيل عدم معارضة المساعي الأميركية لحل سياسي شامل في المنطقة (صفقة القرن)، وتشكيل إدارة خاصة لقطاع غزة من شخصيات مستقلة تتلقى دعماً مالياً أميركياً وغربياً لحل المشاكل الإنسانية في غزة. وقالت إن الأطراف المختلفة ما زالت في مرحلة درس الأفكار.
وذكرت المصادر أن هذه الاتصالات أثارت غضب الرئيس محمود عباس الذي رأى فيها محاولة أميركية للضغط عليه للعودة إلى المسار السياسي. وأصدر الناطق باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة الأربعاء الماضي بياناً مفاجئاً اعتُبر بمثابة رد على هذه الاتصالات، وحض فيه الدول العربية على التخلي عن وهم «إقامة سلام مع العرب من دون الفلسطينيين».
وأفاد البيان الذي جاء عقب زيارة قام بها المبعوث الأميركي جيسون غرينبلات إلى إحدى الدول العربية، بأن «الاستفزاز الأميركي والاستهتار بالعالم العربي والمجتمع الدولي ساهما في زيادة عدم الثقة غير الموجودة أصلاً… وسقوط وهم إقامة سلام مع العرب من دون الفلسطينيين من خلال تجاوز مبادرة السلام العربية، والمس بالتوازن الوطني والقومي».
ودعا إلى «موقف فلسطيني وعربي موحد لمواجهة هذا العدوان الإسرائيلي – الأميركي على المقدسات والحقوق الوطنية وقرارات الشرعية الدولية».
على صعيد متصل، انطلق الالاف من البريطانيين من كل الانتماءات في مظاهرات احتجاجية امام مقر رئيسة الوزراء البريطانية في الداوونغ ستريت، حاملين شعارات تدين الجريمة التي ارتكبتها اسرائيل ضد الفلسطينيين العزل اثناء مسيرة سلمية احتجاجا على قرار امريكا في اعتبار القدس عاصمة لاسرائيل. فقامت الشرطة الاسرائلية باطلاق النار على ظهورهم مما ادى الى قتل اكثر من سبعون مواطنا بينهم اطفال وشيوخ وجرح المئات منهم. لتسجل اسرائيل مجزرة اخرى تضيفها الى ملف جرائمها المتتالية ضد الفلسطينيين. ضاربة عرض الحائط كل القيم والاحكام الدولية والانسانية.
أغلب الشعارات كانت تطالب بمقاطعة البضائع الاسرائيلية فيعلق احد المشاركين «اننا نقاطع البضائع الاسرائيلية منذ زمن، الاهم هو فرض الحصار دوليا على اسرائيل وتوقف بيع الاسلحة لها، وهذا العمل يتطلب موقف قوي من قبل السلطات اي الحكومات.. والحكومة لاتتخذ هكذا قرار الا بفرض ارادة الشعوب عليها».
وشعارات تدين الحكومتين البريطانية والامريكية اللتان تسلحان اسرائيل «يد تيريزا ماي ملطخة بدماء الابرياء الفلسطينيين مثلها مثل ناتنياهو.طالما تزود اسرائيل بالسلاح..هي وترامب» هذا ماجاء في كلمة احد المتحدثين في كلمته لجمهور المتظاهرين. فقد شارك عشرات من المتحدثين بينهم برلمانيين من حزب العمال وحزب العدالة والسلام وحزب الخضر اضافة الى ممثلين عن لجنة التضامن مع فلسطين واتحاد العمال النقابي البريطاني وكتاب وصحفيين انكليز وايرلنديين مع بعض من ممثلين عن اقليات اخرى منهم من اليهود البريطانيين الذي اكد على تضامنه مع الشعب الفلسطيني وادانة اسرائيل «لانسمح بارتكاب اسرائيل لجرائم بشعة باسمنا». واجمع المتحدثون على ان النكبات التي تسببها اسرائيل والمجازر التي ترتكبها على مدى السبعون عاما منها جريمتها الاخيرة التي لاتقل بشاعة عن جريمتها في الدير ياسين او كفر قاسم. «لقد اعترفت السلطات الاسرائيلية بكل وقاحة انها اذا تتوقف عن جرائم القتل للفلسطينيين لما كان هناك دولة اسمها اسرائيل..كلنا فلسطينيون..الحرية والعدالة لفلسطين وحق العودة لكل اللاجئين وتوقف الاستيطان واعادة الاراضي المغتصبة..هذا هو الحل والا لاسلام لاسرائيل..» هذا ماجاء في كلمات اغلب المتحدثين منهم الكاتب البريطاني طارق علي..ليزلي جيرمان،ريتشارد بيرغن، اون جونز وغيرهم.
وكان من بين المتظاهرين بعض من اليهود الذين لايعترفون بدولة اسرائيل ويدينون اقامة دولة لليهود لأن ذلك يتناقى مع التعاليم الدينية اليهودية. رفعوا شعارات تدين مجازر اسرائيل وتطالب بالعدالة لفلسطين.
جاءت جريمة اسرائيل لتثبت للعالم انهم حقا ابشع من النازية الالمانية. فالصحافة البريطانية اليمينية خاصة، لايخلو عدد منها من مقال او اثنين يدين رئيس حزب العمال او بعض قيادات ذلك الحزب على انهم معادين للسامية، لأنهم ادانوا اسرائيل في احدى حلقات جرائمها المتوالية وشبهوها بالنازية. فتلك الجريمة اهانة لكل الحكومات والدول التي لاتتخذ موقفا حاسما لمعاقبة اسرائيل. بل مايفعله الصهاينة هو استهتار بالقيم الانسانية والاعراف الدولية وسخرية من التاريخ والدين والسياسة.