الموصل تستعيد عافيتها وفنها لتستأنف الحياة

متابعة – أحلام يوسف:
بدأت احياء كثيرة في مدينة الموصل ببناء دورة حياتها من جديد، بعد ان نال منها تنظيم داعش الإرهابي، وحوّل كل ما فيها من جماليات، “بغض النظر عن نسبتها”، الى قبح حاولوا ان يمدوا جذوره، بمنعهم ممارسة أبناء المدينة لنشاطاتهم الحياتية الاعتيادية.
حرّم التنظيم كل مباهج الحياة، فأصبحت ما بين ليلة وضحاها الى جريمة يعاقب عليها أي شخص يقدم على ممارستها، مثل الغناء، او الاستماع الى الأغنيات، والموسيقى، حيث قام التنظيم بتكسير الآلات الموسيقية، بحجة انها رجس من عمل الشيطان، كما توهموا وحاولوا ان يوهموا الاخرين.
العديد من الفنانين والموسيقيين الذين لم يسعفهم الحظ، او الوقت لمغادرة مدنهم، ظلوا يمارسون فنهم خفية، فمنهم امين مقداد الذي كتبنا عنه قبل مدة قليلة، وكيف انه ظل يمارس عزفه للموسيقى ما بين جدران بيته بعد ان كان يعزفها وهو شامخا، ما بين الأرض والسماء، كي يُسمع موسيقاه لكل الكائنات الحية من الطيور، والأشجار، وقبلهم، البشر.
محمد محسن أحد المتذوقين للفن، وخاصة فن الغناء، اختار مهنة بيع الأسطوانات للموسيقى والغناء، ومثله مثل بقية اهل الموصل، اجبر على ترك مهنته، بعد دخول داعش، لكن اليوم وبعد طرد التنظيم من مدينته، استعاد تلك المهنة الجميلة، وقام بعرض اسطواناته على المارة مرة اخرى، وقد تنوعت أسماء الفنانين الذين اختارهم لتزيّن أصواتهم دائرة الأسطوانة، ولتشذب اسماع الجمهور.
يقوم محسن مثل كل باعة الموسيقى في كل مناطق العراق، باختيار اغنية معينة، فيقوم ببثها عبر مكبرات الصوت الى الجمهور، ليعلن عن نفسه كبائع للموسيقى، يقول محسن ان الموسيقى هي غذاء روحي بالفعل، وان تلك ليست مجرد فلسفة، بل هي واقع حال شعر به اهل الموصل أكثر من غيرهم، لأنهم مروا بفترات مظلمة حرموا منها.
تحدث محمد محسن عن ان الموسيقى تمنح شعورا بالسعادة والارتياح، وتلك كانت احدى الحالات التي حاول داعش قتلها داخلنا، فقد حرّم الموسيقى باسم الدين، واخذوا الأسطوانات، وجميع الأغراض التي استعملها في مهنتي، وقاموا بحرقها. فاستبدلوا صوت الموسيقى، بأصوات الانفجارات التي قضت مضاجعنا، وسلبت راحتنا.
أوضح محسن تفاصيل تلك الحالة بقوله: ان الاستماع الى الموسيقى يعني الكفر بالشريعة، وبالتالي فيتم استدعاؤنا، والتحقيق معنا، ومن ثم جلدنا ان تأكد لهم خبر استماعنا الى الموسيقى، او الغناء، او أي من المحرمات التي أعلنوا عنها وقت سيطرتهم على المدينة.
اليوم استعاد القسم الشرقي من المدينة “المحرر” حياته طبيعية، في الشوارع، وبدأ الناس برفع الانقاض التي خلفتها المعارك.
وحلّت الاعلام العراقية مكان اعلام تنظيم داعش السود، والشرطة العراقية بدلًا من مقاتلي التنظيم، واستعادت النساء حريتهن بارتداء ما يناسبهن، وعادت الموسيقى لتعطر الأجواء والاسماع.
اليوم استعادت مدينة الموصل عافيتها في كل زاوية من الزوايا التي وشحها التنظيم بفكر ظلامي، ومتطرف، وتكفيري لكل ما سواه، وبدأ أصحاب المحال التجارية بعرض بضاعتهم من الأزياء الملونة والجميلة، بعد ان ساد اللون الأسود على الاعلام والثياب.
المقاهي الشعبية وشاشات التلفاز التي وضعها أصحابها لجذب الزبائن استؤنف العمل بها، فعادت الشوارع كما كانت حية. بفضل الله والجيش العراقي بجميع صنوفه.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة