مغايرة..

للبدء بقراءة رواية (عذراء سنجار) للكاتب وارد بدر سالم لابد من تهيئة نفسية مسبقة ، بحيث تتقبل ما يطرح فيها من جديد ، فهي تختلف ، في بعض الأوجه ، في أطروحاتها اللغوية والفكرية ، خاصة وأنها تتحدث عن واقعة ساخنة ، قريبة زمنيا منا ، المتمثلة باجتياح داعش لجبل سنجار وسبي الازيديات بموجب منظومة الرق الإسلامي ، وقراءتنا لها الآن يعيد لها بهاءها ، كونها تترافق مع حدث تحرير مدينة الموصل من أيدي القتلة .وان كانت الرواية من ناحية الصدور لم تتجاوز بعد السنة من عمرها .
تحتاج الرواية إلى تهيئة نفسية مسبقة من القارئ لتقبل المغاير في اللغة والمفاهيم والرؤيا ، عما هو شائع ومتعارف عليه ، الذي تربت عليه الذات في نوعية الذائقة القرائية وكذلك القبول بالمغاير بشكل فج ، هنا تصبح زحزحة المعتاد أو المقدس من القضايا الصعبة والشائكة لدى القارئ لصعوبة التقبل السريع ولصعوبة إزالة الماضي المتراكم .
يترافق مع هذا ، الاستعداد السردي لدى الكاتب بنقل القارئ إلى مستوى أخر من القراءة ، أولا بان يواظب بذهنية حاضرة على واقع مختلف في يومياته ، بما طرأ على حياة الناس ، منذ أن وطن القتلة \ داعش أقدامهم في تلك الأرض ، كذلك إلى مستوى مختلف من الكتابة ، وذلك بالانتقال عما هو شائع إلى صيغ ومفاهيم سردية جديدة ، بحيث تتغير فيها المفردات وطريقة استعمالاتها ومعانيها ، من المنظومة المتعارف عليها إلى شكل مغاير كلية .
فالعربي ، في الرواية ، هو الخائن والكردي يعد من الخلايا النائمة للإرهاب والازيدي قاتل لأبناء جلدته ، وان كل الموروث ، بما فيه الديني والاجتماعي ، الذي مرر عبر حقب زمنية طويلة ، أنما هو مفاهيم للهيمنة والقتل ونبذ الأخر ، عندها تصبح الحياة الاجتماعية ذات نمطية غير مألوفة ، بمعنى تغير النظرة تجاه الوقائع اليومي ورؤيتها بوجهة نظر أخرى ، تختلف جذريا عما تربى عليه الإنسان في هذه الأديار ، كأن تتجول السبايا عاريات ، ومن هي ليست مسلمة تغير دينها ، ومن يدخن سيجارة تقطع يده ، وبيع النساء بسوق الرقيق والنخاسة …..
أنها منظومة حياتية مختلفة كلية ، فرضت عنوة ، بالتأكيد بطريقة رعناء وغير حضارية ، بيد أن السارد يروي تفاصيلها ، ولابد من تقبلها قبل الإيغال في القراءة ومتابعة تشعبات الأحداث الروائية وتأثيراتها على الناس ، ومن ثم مقاربتها مع الوقائع الحياتية ، بما شاهدنا وسمعنا عن منظومة داعش ، من نوعية الظلم الذي أصاب الإنسان هنالك وحوله من أدميته إلى شكل أخر من البربرية والتخلف وظلامية الرؤية والوعي.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة