دار شهريار.. حكاية ثقافة

في الوقت الذي تعاني فيه صناعة الكتاب في العراق من أزمة حقيقية، تتمثل بعدم وجود ضوابط قانونية او تنظيمية او حتى ثقافية لإنتاج كتاب عراقي قادر على منافسة الكتاب العربي، لا من حيث جودة الطباعة ولا من حيث مضمون الكتاب او المادة التي يتضمنها. هناك من يسعى الى تشكيل تيار مغاير، تيار ثقافي، فني، يحاول ان يقول للآخرين، ان صناعة الكتاب لازالت على قيد الثقافة. شهريار، الدار الفتية التي استطاعت رغم المدة القصيرة التي تأسست بها، من خلق مناخ ثقافي مؤثر، لا على المشهد الثقافي البصري فحسب، بل على العراقي بصورة عامة، فهي تسعى ومنذ اللحظة الأولى لتأسيسها الى ترسيخ القيم الثقافية والفنية في صناعة الكتاب. في وقت تنشغل بعض دور النشر، بحساب نسبة الأرباح المادية والالتفات الى الكم لا النوع، من خلال الموافقة على طبع أي كتاب يقدم لها دون النظر حتى الى مضمونه.
مما ساهمت تلك الدور، بخلق ثقافة سطحية ساعدت على تجهيل وتسطيح عقول شريحة واسعة من القرّاء، عبر تسويق كتاب لا علاقة لهم بالثقافة أصلا. شهريار، اتخذت طريقا آخر، طريق الثقافة قبل المادة. حيث لا يستطيع الكل ان يمرروا نتاجاتهم في شهريار، اذ لابد من خضوعها الى لجنة مختصة للنظر بمدى صلاحية المادة للطباعة. شهريار تتبنى موقفا قد لا يتواجد لدى دور النشر الأخرى، موقف يتمثل بأنها لن تتخلى عن الكاتب حال الانتهاء من طباعته، مثلما تفعل الكثير من دور النشر، بل هناك حملة إعلانية وثقافية، للترويج للكتاب، وتوزيعه على اغلب المنافذ الثقافية والاقلام المهمة. ولا يخفى على احد، دور الشكل الخارجي للكتاب والمتمثل بالطباعة والغلاف ونوعية الورق المستعمل بالطباعة، وهذا ما سعت شهريار اليه، عبر تكليف احد اهم الفنانين العراقيين وهو صدام الجميلي الذي يحاول ان يشكل مدرسة فنية خاصة به، من خلال تصميم كتاب شهريار. وليس ببعيد عن صناعة الكتاب، تسعى شهريار الى رفد القارئ العراقي بعناوين مهمة في مختلف مجالات الثقافة الأدب. عناوين لا توجد الا في شهريار.
وهي بذلك، تؤكد على تفردها عن بقية المكتبات واختلافها في رفد المكتبة الثقافية العراقية بمصادر متنوعة في الأدب والثقافة. شهريار، وضعت ضوابط وقوانين لنفسها، وتقيدت بها، تلك الضوابط التي من شأنها ان تساهم في صناعة كتاب عراقي حقيقي، من الناحية الثقافية والفنية، وهي توجه رسالة الى باقي دور النشر للسير معها في هذا الطريق الذي سيؤدي حتما على خلق ثقافة عراقية رصينة.
سلام مكي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة