فهد الصكر
المسرحي محسن الدراجي هو الذي جمعنا ذات يوم على رصيف شارع المتنبي، في جمعة لا أتذكر ملامح تاريخها، ولا صفات الوجوه التي حلت في فناء الكتب المبعثرة تحت اقدام المارة، اذ كانت تحيط مخيلتي خطوات الرقيب السري. الذي ادرك جيداً انه يحصي ادنى سكناتي، ولذا راحت ذاكرتي لا تدون الاشياء.
أتذكر جيداً انه اهداني مجموعته الشعرية (النهر الهارب) التي دوّن اوجاعها تخطيطاً رائعاً بلذع واضح، صديقنا الراحل -هادي السيد- نزيل فنادق ساحة الميدان التي لا تحمل درجة أمتياز الا في نزلائها.!
ووضع في مسامات جسدي مخطوطته (أمارجي) خشية الرقيب الذي يتابعه هو الآخر!
كنت ادري ذلك!!
سافرت (أمارجي) وتسربت في مسامات «العمارة» طالباً مني «خضر قد» نشرها اذا ما دنا حبل المشنقة من رقبته، وهو قاب قوسين او ادنى منه !
«خضر قد» صار صاحبي في ان أبوح له بسر اعدام اشقائي الاربعة، بعد ان سرني بسره، وهو الوحيد الذي يعرف بعد رفيق ارصفتي محسن الدراجي، تاريخاَ مأساوياً دخله معي «خضر قد» ولا ادري إن كان سعيداً ام تعيس الحظ بلقائي به؟ وهو يدرك ان مديرية الامن العامة تحفظ ادق التفاصيل عني وتراقب نزلاء ايامي وهو صار واحداً منهم؟
أية لعنة اصابت «خضر قد» بصحبتي؟!
– 2 –
صندوق بريدي المرقم 53213 في مكتب باب المعظم لا يعرفه ايضا الا المسرحي محسن الدراجي، وفيما بعد حفظه «خضر قد» ليسجل ورود رسالة تحمل 100 دولار من صديق فرّ من لعنة الاستخبارات الى «بلاد بره» لينتقم نصيف وفاءً من حذائي الممزق بشراء واحد غيره من سيارة تلخص للحفاة أحذية بسعر الفقراء.
– 3 –
ادرك ان امي ماتت بوجعها على اشقائي الذين اعلنهم على صفحات جريدة العراقي الكاتب والروائي-حميد المختار- ليبكي «خضر قد» بوجع ناطق وهو يتذكرها حين صنع الضوء في محيط بيتي المغادر في عقارات الدولة لكائن آخر، وكانت فرحة بهذا القادم بقبعته، كأنه سحر الطيف الموشم بمعاودة الحنين لقلبها في نكبة الحزن الجنوبي.
ظللت ساكناً على اول رصيف في شارع المتنبي غير ان دموعي فضحتني امام الاصدقاء.
ليعلن نصيف فلك انتماءه لي؟!.