لا يريد أن يكون حجرا حتى ولو كان تمثالا

صلاح حسن
له حياة مرتجة لا تثبتها المسامير
ولا توثقها الحبال.. تليق براية
عمياء تحت رياح قديمة وسماء
مجهولة. غير أنه سيصبح تمثالا
ولكنه لا يريد أن يكون حجرا.
يهتز كبركان ولكنه يفكر بالسنبلة
لأنه يهتز من أجل فكرتها الخضراء.
يتلبسه خيال التمثال الذي سيكونه
بعد قليل كتابوت مليء بحياة ميتة..
ولكنه لا يريد أن يكون حجرا..
الحجر صامت ونبيل.. أهذه هي
النهايات؟
حياته ارتجاج دائم وهو كذلك،
لا يقف ولا يسقط كيقظة مرة بين
كابوسين: رنة المسمار أو رشقة
الحبال، كفاصلة موسيقية بين
صمتين، ولكنه ليس صمتا ولا
فاصلة.
مسامير وحبال كل ما لديه، وأصوات
وانحناءات.. يلمس المجهول ولا يصل
إلى الأعماق. (لن تكون يدا تلك التي
لم يترك السكين أثرا عليها.. لن يكون
قلبا ذلك الذي لم يرتجف أمام امرأة أو
قاتل.. لك حياة مرتجة بين فقدين
كلاهما حجر ولكنك لا تريد أن تكون
حجرا.. لك إغفاءة الريح وحنجرة
السنبلة، لم تكن صوتا ولم تكن
حركة، ولكنك الارتجاج).
يصلي من أجل فكرة الينبوع والسنبلة
ويسكر أحيانا كي يصلي ويعرف
أن يدا لن تكون يدا لم يترك
السكين أثرا عليها.. هو هذه اليد
والسكاكين.. هو الأقفاص والطرائد
ليس لديه سواها، حبال ومسامير،
نساء وكحول وأصابع مشروخة لها
فكرة السنبلة وارتجاج البراكين،
ولكنه لا يريد أن يكون حجرا..
تتلبسه فكرة التمثال في حياة
مرتجة تليق براية عمياء تحت
سماء مجهولة.
(رغم حياتك المرتجة وأصابعك
الذبيحة، ها هي الموسيقى تعجز
أن تكون فاصلة بين جرحين،
ها هي السكين تسقط في فراغ
بين طعنتين.. رغم هذا الحجر
الذي يهرب من ثرثرات أحلامه.
ماذا لديك؟ غناء؟ هذا الغناء
رعشة كامنة في أديم يرفرف
قبل أن يستفيق.. هذا الغناء
أمل عاجز يتوهم انه أمل بين
تغريبتين تشرقان في ظلام
الأبد).

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة