بغداد ـ وعد الشمري :
حدد خبير عسكري بارز اماكن تواجد تنظيمات داعش في العراق، مؤكدا ان القضاء عليها بحاجة الى تطوير مبادرة جادة من قبل رئيس الوزراء المكلف من اجل اعادة الثقة للوسط السني والتعامل مع طلباته المشروعة وانهاء شعوره بالتهميش. كاشفا في الوقت ذاته عن نجاعة صفقات التسليح الجوية مع روسيا ، التي ساعدت على انهاض القوة الجوية وطيران الجيش والسماح لهما بالقيام بدور حاسم في الجهد الجوي ضد داعش . وفي حين اكد فاعلية التدخل الجوي الاميركي وجه اللواء الركن عبد الكريم خلف لوماً شديداً للولايات المتحدة بسبب ما وصفه « تخليها عن التزاماتها تجاه العراق بموجب الاتفاقية الامنية بين البلدين (صوفا) واقتصار دفاعها عن المناطق القريبة من اقليم كردستان» .
وذكر اللواء خلف في طاولة مستديرة نظمتها (الصباح الجديد) لمناقشة الوضع الامني ومصير تهديدات داعش أن «التعامل الخاطئ مع ملف الصحوات سجل بداية عودة القاعدة بالتمسية الجديدة داعش «وشكل اكبر الاخطاء التي اقترفناها ، مبينا أن «الامر حاليا بحاجة الى التعامل بايجابية مع مطالب اهالي المحافظات السنية المشروعة من اجل ايجاد فك ارتباط داعش بالتجمعات المتظاهرة واستعادة شعبنا من براثن داعش «.
داعش تنتعش بين
الحواضن المعارضة للدولة
وقال أن « تواجد داعش ينتعش في المناطق ذات الصبغة الطائفية المعينة التي تشعر انها مهمشة من الدولة، وهي لا يستطيع الصمود والعمل او التنظيم بالخروج منها»، مصيفاُ ان «التنظيم الارهابي لم يبد قدرة على القتال في حال مهاجمته ولم يصمد في اي معركة جبهوية معه وانما تتجلى خطورته عندما يجد امامه خصماً اعزل او مسالم او متساهل « .
واكد خلف إن «اقتحام داعش للمناطق يعتمد وبشكل اساس على الحاضنة الشعبية بغض النظر عن مساحة الاهداف»، موضحا في عدة امثلة أن « قرية امرلي مطوقة من كل مكان وتبعد ان اقرب نقطة للجيش 40 كيلو متر لكن لم يتمكن من اختراقها رغم ان المدافعين عنها مدنيين، كذلك الحال بالنسبة لناحية العلم التي صمدت بوجهه ورفضت الإستسلام له وكذلك الحال في مصفى بيجي الذي يعد ذو اهمية اقتصادية ومالية لداعش وصمد على يد 200 مقاتل فقط وهو امر ينسحب على قاعدة سبايكرايضاً «.
وكشف خلف عن وجود «400 مخطوف من طلبة سبايكر في مبنى مصرف الرافدين فرع تكريت، فيما يعتقد ان عدد قتلى القاعدة المنكوبة هو 1300 طالب».
وراهن الخبير على أن «استعادة سليمان بيك مرهون بابقاء التواصل والتقدم بإتجاه أمرلي، وبما ان منطقة طوزخرماتو بيد الدولة فأن المدن المحتلة ستحرر وتعود لحضن الدولة تباعاً من دون الحاجة الى جهد كبير».
داعش والبحث عن النفط
ويرى أن «داعش ليس لديه نية احتلال مراكز محافظات انما يركز على المناطق التي تتضمن ابارا نفطية . فهو استهدف منطقتي الخازر (جزء من نينوى)، وسلسلة جبال وانا القريبة من اربيل على مسافة 30 كيلو متر حيث يوجد 20 بئر نفطي جاهز ويتصل بمنطقة باي حسن الرابط بالدبس وصولا الى كركوك»، مستطرداً أن «تحرك داعش في تلك المناطق عائد لاهميتها الاقتصادية. وسبق ان سيطر علـى ابـار عين زالة والذي بسعة 30 الف برميـل يوميـاً».
ويجد خلف أن «لدى واشنطن ثوابت للعمل منها عدم السماح لداعش من الاقتراب من حزام كردستان، وهم قد قضوا على تواجد داعش جنوب القيارة وشمال مخمور بعملية ثلاثية سريعة «، متابعا «الاميركان يدافعون عن كردستان بحجة حماية مستشاريهم وقنصليتهم ورعاياهم، اما امتداد نشاطهم الى باقي المحافظة فهو ، كما هو واضح ، بحاجة الى تفاهم اوطد مع الحكومة العراقية الجديدة».
وعلى جبهة ديالى قال خلف أن «داعش سيطر على جلولاء، وفجر جسر العوجة الرابط بخانقين وذلك لقطع الطريق البديل عن الطريق الدولي الواصل بين بغداد والمحافظات الشمالية وكذلك الحال بالنسبة للطريق البديل عبر كلر وكوفري».
كما اكد خلف أن «المسلحين فقدوا المركز الحيوي في سد الموصل بعد تعرضهم إلى اربعة ضربات اميركية دقيقة استهدفت اماكن تواجد سلاحهم من خلال تتبع مصادر الذبذبات الصويتة من مواقع داعش القريبة الى السد «، منوها «اما في سنجار فقد شنوا هجوماً ثلاثياً في مناطق هي الكَوير و مخمور وديبكة وبعيشقة، وهي حزام اربيل الرابط بنينوى».
اما عن الوضع في بغداد، فعده اللواء خلف أنه «في مأمن»، برغم انه اشار الى ضعف في «مناطق تمتد على مساحة 120 كيلو متر وهي؛ اللطيفية والشاخات وجرف الصخر ومن ثم بحيرة الرزازة مرورا بعامرية الفلوجة، والفلوجة، وصولاً الى ابراهيم أبن علي والشعلة»، لكنه شدّد على «وجود حشد شعبي في تلك المناطق يحول دون تمكين داعش من الإقتراب للعاصمة».
واعتبر خلف ان المتحدثين عن تهديدات لداعش على العاصمة واهمون لأن بغداد لا تحتوي على اي حواضن محتملة تمكنها من ادامة اي هجمات جدية .
دور سلاح الطيران
والدفاع الجوي
اما بخصوص سلاح الجو واشتراكه في العمليات العسكرية والانسانية، ذكر خلف أن «طيران الجيش حقق مأثرة كبرى بعد ان نجح في اجلاء جميع النازحين الممكنين من على جبل سنجار واما الباقين فهم من سكانه المهيؤون لقتال العصابات الإجرامية «.
واضاف أن «نجاح منظومة الطيران الشامل غير ممكن الا بوجود الدفاع الجوي . ومن دونه فأن تأثيرها يكون محدود»، متابعا « قبل جولة التعاقدات مع الجانب الروسي كان لدينا مجموعة متنوعة من طائرات النقل والاستطلاع والهجوم الارضي التي ركبنا عليها صواريخ الهيل فاير بنجاح «.
وزاد «بعد الضغط توجهت الحكومة الى روسيا وحصلنا على 24 طائرة سوخوي35وهو نفس العدد الذي كان يمتلكه النظام السابق حينما كان يشكل تهديدا على المنطقة، وقد دخلت هذه الطائرات حاليا العمل».
ونفى «استخدام القوات العراقية للبراميل المتفجرة انما هناك قذائف تحملها الطائرة تصل الى 8 طن تعادل 140 سيارة مفخخة بحاجة الى منظومة متكاملة كي تصيب اهدافها بشكل دقيق».
وعن المروحيات، قال خلف أن « تم التعاقد الجانب الروسي لتزويدنا بـ 36 طائرة نوع (28 مي) وهي ذات كفائة افضل من الاباتشي الاميركية وتستحدم منظومات ليزرية ودقة الاصابة فيها تصل الى اكثر من 95 بالمية ليلاً وهذا العدد كافي للسماء العراقية».
ولفت الخبير العسكري إلى أن « منظومة البانستير الروسية للدفاع الجوي التي تعاقد عليها العراق والتي تبلغ اربعين بطارية تعد من افضل المنظومات الجوية في العالم».
وفي مقابل ذلك، انتقد «الجانب الاميركي باخلاله في تنفيذ الاتفاقية الامنية لان المادة الرابعة تستوجب تلبية واشنطن لاي طلب من الحكومة العراقية لدعم النظام السيادي والديمقراطي»، متابعا أن «بغداد طلبت التدخل وواشنطن امتنعت عن ذلك كما انها ماطلت في تسليح الجيش والقوة الجوية العراقية».
واشار إلى أن «ان من واجب الولايات المتحدة تأمين النظم المتقدة للجيش العراقي فالهجمات الاميركية في المناطق القريبة من كردستان كانت بمساعدة نظام (فالكون فيو) الذي يتيح للقوات رؤية الارض وبصورة مباشرة من خلال الاقمار الصناعية ويعطي الاحداثيات الكاملة من اجل اصطياد الاهداف وكان هذه الضربات دقيقة ومميته للعـدو».