محمد عبد الجواد:
حاوره: حيدر ناشي
أحد الأسماء الفنية المهمة والتي اختطت لها طريقا واضحا، الفنان محمد عبد الجواد، قدم الكثير من الاعمال في المسرح والتلفزيون والسينما، إلا انه وبعد ان مرت السينما بظروف تخص الإنتاج ونوعية ما يقدم بها، ابتعد عنها سنوات عدة. تميز عبد الجواد بسهولة ادائه للأدوار من دون تكلف او تصّنع، مما اتاح له الاستمرارية في الظهور المميز على الشاشة، التقته الصباح الجديد في القاهرة ليتحدث لنا بداية عن مدى ارتباط الفن بنحو عام والملتزم والحامل لرسالة معينة بالحرية المتاحة للفنان، لا بل حتى الكاتب او المؤلف، خاصة بعد ان مرت مصر بزمن حكم فيه الاخوان المسلمين، فكيف الحال لو استمر حكمهم الى يومنا هذا؟
يقول عبد الجواد: لو استمرت هذه الجماعة في الحكم اعتقد لن يكون هناك وجود للفن، فلي صديق لديه صلة مع بعضهم، طلبوا منه نقل رسالة لنا وفحواها «قل لأصدقائك الفنانين، عليهم البحث عن عملٍ آخر» والسبب ان دعاة التطرف الديني اكثر ما يخشونه الصوت العالي المتجسد في الفن، لان وظيفة الفن النقد البناء وكشف العيوب وتعريتها لغرض تصحيحها سواء على المستوى السياسي او الاجتماعي، وفي الوقت ذاته يعضد القيم الاجتماعية الصحيحة للوصول الى المجتمع الصالح، وكم أود شطب التطرف الديني من قاموس التفكير والتصورات المبنية على أسس خاطئة، لأنه لو كانت المسائل دينية بحته لما طُرحت هذه الآراء، لكنه خداع وتحايل على الدين، والكسوة الدينية على السياسة كذب مفضوح يسعى مروجوها الى الحصول على مكاسب شخصية وفئوية ضيقة.
هل توجد وسائل حماية للفنان من التنظيمات الأصولية الدينية؟
– العملية الفنية يجب تُحمى بستار الحرية، وهذا موجود نوعاً ما في بعض البلدان العربية، والفنان يمتلك صوتاً عالياً بحكم الوظيفة التي يمتهنها آلا وهي الفن، ومن حسن الحظ، ان لم يجد ضالته في بلده يستطيع ايجادها في مكان آخر، لأن الفن هو لغة الشعوب. راهناً تعج مصر بالعديد من الفنانين العرب وذلك لوجود مساحة في الساحة المصرية، تفسح المجال للفنان كي يوصل رسالته الى المتلقي، وهم مرحب بهم بين اشقائهم.
منذ اكثر من عشرين عاماً وانت بعيد عن السينما، ما سبب هذا الجفاء؟
– نعم انه جفاء مثلما ذكرت ولأسباب كثيرة منها، الاختراق الفكري الذي حصل على جميع الاصعدة وبالأخص الفن، وحينما حصل هذا الاختراق اخذ الفن منحى آخر غير ما كان متعارف عليه في رسالته الإنسانية، وارساءه للقيم المجتمعية الصحيحة، ونحن بدورنا كفنانين واجهنا هذه الموجة الفكرية الساعية الى تجريد الحياة نظارتها وجمالها، كذلك من ضمن الاسباب تغليب الربحية على النوعية وهذا ما ارفضه تماماً، فلا بأس ان يكون هناك ربح لكن ليس على حساب النوع، ولابد من ان اذكر انه في الوقت الراهن توجد بوادر صلح بيني وبين السينما.
يوجد تيار او توجه في السينما المصرية حالياً أسميه (سينما البلطجة) هل تتفق معي في هذه التسمية ام لديك وجهة نظر مغايرة؟
انا ضد هذا التوجه جملة وتفصيلا، للأسف هو موجود في الساحة السينمائية المصرية، واعتبره من نتاج الاختراق الفكري الذي ذكرته في اجابتي السالفة. ان اعتراضي نابع من عرض (البلطجة) بهذه الصورة التي تعطي تصوراً خاطئاً عن الشعب المصري، فالبلطجي انسان ولديه نزعات، تتغلب نزعة الشر أحيانا، واحياناً اخرى يكون في شخصيته مكان كبير للخير، ولو استرجعنا سيّر نجيب محفوظ نجد تجسيداً قيّماً لهذا الانسان، ما اساءني هو التعميم في الطرح وهذا مغاير للحقيقة، فإعلان الجرأة على المجتمع خطأ فادح ويجب مقاومته حتى لا يترسخ في الذاكرة الجمعية.
تحضّر الان لعمل مسرحي جديد هو (الثانية في الغرام) حدثنا عن هذه المسرحية؟
– الثانية في الغرام عبارة عن اوبرا شعبية تتضمن الغناء والتمثيل والاستعراض، تتحدث عن سيرة حب شعبية على غرار عنتر وعبلة، وروميو وجوليت وغيرها من القصص التي كتبها التاريخ، ونحاول من خلال هذا العمل توثيق قصة (فاطمة وعلوان) النابعة من الموروث الشعبي المصري، فهذا الشاب الذي درس في الازهر فترة الاحتلال الفرنسي لمصر، قام بقتل ضابط فرنسي واصبح مطاردا بالرغم من ارتباطه بقصة حب مع فاطمة، وبعد مصاعب كثيرة تعرض لها في اثناء هربه، يدخل صديقه ليكون منافساً له على حبيبته، مما اضطر فاطمة للهرب مع علوان حبيبها الأول، كي يتخلصا من هذه الضغوطات والمتاعب التي عانيا منها. المسرحية بنحو عام تعيد الروح للحكاية المصرية الشعبية وتضيف عليها تصوراتنا الحالية لتخرج في شكل قالب مسرحي ممنهج.
هل لديك أعمال اخرى مقبلة؟
– نعم توجد العديد من العروض عرضت عليّ في السينما والتلفزيون، لكن لغاية الان لا يوجد اتفاق رسمي، فأنا في طور قراءة النصوص وبعد ذلك سأقرر الموافقة من عدمها.
في ختام حديثه بعث عبد الجواد بخالص التحيات الى الجمهور العراقي وهنأهم على انتصارهم العظيم في معركتهم ضد تنظيم داعش الارهابي، وقال: اننا كعرب بحاجة الى قبضة العراق وبالخصوص مصر لدحر ما تبقى من فلول الشر والارهاب.