مكلاتشي تربيون: أميركا غزت العراق وحولته إلى خرائب وانقاض

قالت إن القوة العسكرية الهائلة لم توفر بديلاً ناجحاً

بغداد – جون بي كويغلي*

لا أتصور إن انسحابنا من العراق, ومعه قرار انسحابنا الوشيك من أفغانستان الآن يمثلان السبب الذي من أجله وجدنا انفسنا نتعامل مع حكومتين في هذين البلدين, حكومتين لا تقومان بالأشياء بالطريقة التـي نعتقـد بوجوبهـا.

إننا الآن نتعلم ذلك الدرس القاسي الذي يقول انه برغم قوتنا العسكرية القادرة على إزالة حكومة قائمة فعلا, فإننا غير قادرين بالمقابل على استبدالها بأخرى نريدها. ففي العراق, لم يعر الرئيس جورج بوش الابن أهمية تذكر لمن قد يحل محل حكومة صدام حسين.

في العام 1991, حينما هاجم والده, الرئيس جورج بوش الأب, هاجم العراق جراء احتلاله دولة الكويت, وجد الأخير نفسه محل دفع وتحت ضغط من قبل عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بغية مهاجمة مدينة بغداد العاصمة, ومن ثم الإطاحة بنظام صدام حسين.

لقد كان بوش الأب علم بحنكته السياسية إن من شأن عمل من هذا النوع إن يفتح علبة الديدان المغلقة. فتحت سطوة حكم نظام صدام, كان السلطة خالصة بين يدي أقلية الطائفة السنية في العراق. أما الأغلبية الشيعية, فقد كانت حانقة جراء تعامل صدام العنيف وأركان نظامه معها. لذلك, فقد كان التخلص من نظام صدام سيقود إلى إفساد “الترتيب” القائم.

إن ما لم يكن صعبا فهمه او رؤيته في العراق ليتمثل في إن أي حكومة عراقية جديدة كانت لتهيمن عليها الأغلبية من الطائفة الشيعية, وإن تلك الطائفة كانت لتتصدى لموارد قهرها بطريقة تترك البلاد في حالة فوضى.

لذلك, فحينما نرى رئيس الوزراء العراقي الحالي نوري المالكي يميل نحو الشيعة, فأن ذلك التوجه يعد نتيجة للدينامية التي اطلقناها في العراق منذ غزونا هذا البلد ربيع العام 2003.

أما سنة العراق, فقد بات رد فعلهم يجنح إلى العنف اكثر فأكثر الآن. وسواء كنا موجودين بقواتنا هناك الآن ام لا, فأن هذه الدينامية وجدت ما يرسخا ويديم حركتها المستمرة. إن العراق بات اليوم يختبر حالة عنف طائفي على أساس يومي متواصل.

كما انه لم يكن من الصعوبة بمكان ادراك إن حكومة العراق التي يقودها الشيعة ستكون على وفاق جيد مع حكومة ايران التي نختلف معها على نحو دائم. لذلك, فعبر غزونا العراق, فإننا إنما نعز الدعم الإقليمي لحكومة ايران.

أما في أفغانستان, فقد عمدنا إلى الإطاحة بحكومة يرأسها نظام طالبان. وقد كانت طالبان معروفة في ذلك الوقت بإيوائها لجملة متنوعة من الأعراق والطوائف, فضلا عن افتقارها لتاريخ مدني أو نظام سياسي.

و في كلتا الحالتين, كان شروعنا بالعمل العسكري في أفغانستان عام 2001 والعراق عام 2003, كان يمكن تجنبه. ففي أفغانستان, كانت مطالبنا المرفوضة بداية, والرامية إلى تسليم الطالبانيين لأسامة بين لادن ومعاونيه, كانت في طور الاستجابة, إلا إننا عمدنا إلى الغزو.

أما في العراق, فقد كانت لنا أسباب اقل ضعفا لإرسال القوات. لقد عمدنا إلى غزو هذا البلد بس ادعائنا إن نظامه كان يقوم بإنتاج وإخفاء أسلحة الدمار الشامل بغية استخدامها ضدنا, ذلك العذر الذي تبين بسرعة مقدار لا عقلانيته. 

لذلك, فسواء في أفغانستان أو العراق, فقد قررنا الركون إلى العمل العسكري الذي كان ممكنا لنا تجنبه, والذي كان يمكن التنبؤ بعواقبه السلبية سواء للبلد المستهدف أو لأنفسنا.

ولا يشمل هذا الكلام الآلاف الذين قضوا وتعوقوا وتشوهوا وجرحوا من بين أفراد قواتنا أو شعوب الدول الاخرى.

والآن, فقد بات لزاما علينا إن نتعايش والحقيقة السياسية القائمة في كل من العراق وأفغانستان. اننا نترك كلا البلدين خرائب وانقاض وحسب. ولو إننا كنا لا نحب حكومتيهما, فليس هنالك من نوجه اليه أصابع اللوم الآن سوى لأنفسنا وحسب.

* عن مكلاتشي تربيون

ترجمة الهادر المعموري

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة