فنادق ودواوين ومقاه مهددة بالهدم
بغداد ـ الصباح الجديد:
شواخص وذكريات وأماكن تراثية وثّقت لأحداث وقصص وحكايات.. حاكت أحداث سياسية ودينية كانت مسرحها هذه الشواهد التي حكم عليها بالزوال لتكون أرضا بلا أثر، والقصة تبدأ بتوسيع المدينة القديمة في كربلاء.
المنطقة التي تحيط بالروضتين المقدستين في كربلاء تعد من المناطق المهمة من الجانب التجاري والاقتصادي حيث تحتوي على عدد كبير من الفنادق والمطاعم والمقاهي والأسواق التجارية.
كاظم الأنباري صاحب محل لبيع الأقمشة قال إن المنطقة تعرضت للتجريف والهدم من قبل النظام السابق مطلع عام 1991 لأسباب سياسية نتيجة مشاركة أبناء المدينة في الانتفاضة، واليوم بدأت معالمها تتغير من جديد.
أما محمد الهندي صاحب قيصرية في منطقة شارع الجمهورية قال إن هناك العديد من المناطق والأزقة القديمة ستختفي من الوجود نتيجة هذا المشروع.
وأضاف الهندي الذي تمارس عائلته بيع التوابل والمواد الغذائية والأعشاب الطبية النادرة «عائلتي تمتلك محلين في سوق العلاوي الواقع على جانب شارع العباس منذ مائة عام وأنا قلق عليها بسبب استمرار المشروع الذي يهدد الأملاك الخاصة بالضياع حيث تدفع إدارة العتبتين لأصحاب الأملاك مبالغ طائلة مقابل التوسعة».
مؤيد الجراخ صاحب محل لبيع أدوات الخياطة في سوق الزينبية أبدى تخوفه من شمول منطقة تل الزينبية التي تحوي على محال تجارية وأملاك لا تقدّر بثمن بمشروع التوسعة.
ويقول إن منطقة الزينبية تعتبر من أقدم المناطق في كربلاء وتحتوي على أملاك قديمة منها ديوان آل كمونه الذي يعود لأحدى العائلات العريقة في كربلاء وهذا الديوان مهدد بالزوال رغم كونه أحد الشواهد التاريخية والتراثية في المدينة ويحمل بين جدرانه حكايات وذكريات وصور تاريخية حيث زاره مسؤولون رفيعو المستوى في العهد الملكي والجمهوري من القرن الماضي ورؤساء الوزراء الذي حكموا العراق أثناء زياراتهم لكربلاء.
الأضرار لا تقتصر على الجانب التراثي فحسب بل امتدت إلى الجانب الاقتصادي حيث فقد الكثيرون من الأهالي عملهم بعد هدم الفنادق والمحال التجارية.
حازم فاضل يعمل سائق أجرة في شوارع كربلاء بعدما فقد عمله في أحد الفنادق التي تعرضت للهدم منذ مدة وتم ضمها إلى التوسعة.
الشيخ محمد الحسناوي رجل دين أكد لنقاش إن المشروع يهدف إلى تطوير وتوسيع المدينة القديمة لغرض استيعاب الزائرين خلال الزيارات التي تشهدها كربلاء.
باسم الشيباني الذي يملك مكتباً لبيع العقارات قال إن العقارات الواقعة في منطقة شارعي العباس والحسين ومنطقة المخيم من أغلى العقارات في العراق حيث وصل سعر المتر المربع الواحد إلى أكثر من عشرين مليون.
وأضاف «بيع بعض العقارات من قبل أصحابها مكنهم من شراء عقارات تجارية في مناطق أخرى مما تسبب في ارتفاع أسعار العقارات في بعض المناطق من كربلاء والقريبة من مداخل المدينة القديمة نظرا لتحولها من مناطق سكنية إلى تجارية ومصارف أهلية وأسواق ومولات.
حسن هادي وهو مهندس في بلدية كربلاء قال إن مشروع التوسعة جاء من جانب الدوائر الخدمية والبلدية من حيث دخول الآليات والتنظيف والإنارة والأعمال الأخرى بشكل يليق بمكانة المدينة بالتعاون مع الأجهزة الخدمية التابعة للروضتين مستقبلا لتكون فضاء مفتوحاً بأجواء وبيئة نظيفة.
وعن استملاك البنايات والفنادق التابعة للبلدية أوضح حسن هادي أن العقارات التي تعود ملكيتها إلى بلدية كربلاء التي تقع ضمن مشروع التوسعة تقوم البلدية بتمليكها باسم الوقف الشيعي في كربلاء وبعض العقارات يتم بيعها إلى العتبتين بأسعار رمزية دعماً لتطوير المنطقة. ليلى آل زين الدين نائب رئيس لجنة الخدمات والبلدية في مجلس المحافظة أكدت لـ»نقاش» إن مشروع تطوير المنطقة المحيطة بالروضتين يعد من أهم المشاريع في كربلاء وخاصة المدينة القديمة التي تمثل هوية خاصة للمكان حيث تشهد هذه المنطقة مراسيم الزيارات وممارسة الشعائر الدينية.
الدكتور كاظم الموسوي أخصائي تخطيط المدن كان له رأي خاص بالمشروع حيث قال إذا ما أكتمل المشروع الذي تنفذه حالياً العتبتين فأنه سيغيّر جغرافية المدينة القديمة من منطقة تجارية واقتصادية إلى مدينة دينية مغلقة خاصة بممارسة الطقوس الدينية بدلاً مما كانت عليه في السابق منطقة للازدهار الاقتصادي والتجاري والسياحة الدينية.
وطالب اللجان المشرفة على هذا المشروع بالمحافظة على أهم المعالم والآثار التي تقع في هذه المنطقة مثل باب الطاق وكف العباس، وديوان آل كمونه وسوق الزينبية وسوق العلاوي، وغيرها من الأماكن التي منحت المكان نكهة خاصة.