إيران.. تجاوز حقول الألغام

د. علي شمخي

يبدو الايرانيون في مباحثاتهم النووية مع الولايات المتحدة الامريكية والغرب.كمن يسير في مارثون طويل تتوزع على قارعته حقول الالغام ..ولايبدو اكثر المتفائلين ممن يريدون لايران نهاية مفجعة مقنعا بحججه وتوقعاته حول قرب وقوع ايران في احدى فخاخ الغرب او حقول الالغام التي تقف في مسيرتها في هذه المفاوضات ..ماهو واضح ومكشوف هو براعة ايرانية في المناورة والامساك باكثر من تفاحة في هذا المشوار الطويل والمتنوع المشاهد واصرار ايراني على امكانية ايجاد الحلول لكل القضايا العالقة مع (الشيطان الاكبر ) ومع الغرب ..ومن يتتبع اللقاءات المشتركة لوزير خارجية ايران محمد جواد ظريف وكاترين اشتون سيرى الابتسامة الدائمة لظريف امام عدسات المصورين والصحفيين مهما كانت نتائج جولات المفاوضات بين الطرفين ولعل هذه الابتسامة وهذه الظرافة من وزير الخارجية الايراني تخفي خلفها رزمة ضخمة من الهواجس والمخاوف الايرانية من فشل المفاوضات بين ايران والغرب التي وصلت الى نقطة حرجة اشبه ماتكون بعنق الزجاجة …!!..!!ويمكن تلمس براعة الايرانيين وقدرتهم على المناورة في هذا الملف الخطير من خلال نفسهم الطويل في حواراتهم والنجاح في تحقيق قفزات لصياغة نهائية للبنود الفنية والسياسية لحلحلة الملف الاكثر خطورة ..وفي تقديمهم لمشاريع الحلول الوسطية بما يضمن نجاح هذه المبادرة التي تجنبهم اية عقوبات اضافية وفي افكارهم البديلة التي تتيح لايران مواصلة بناء مشروعهم النووي وعدم فقدانهم لاصل هذا المشروع والاستفادة من ثماره التقنية مع تبديد هواجس ومخاوف امريكا والغرب والعالم من اقتراب ايران من صنع القنبلة الذرية .بشكل جعل الاداء الايراني ملفتا للنظر ومثيرا للاعجاب ولربما قدم الايرانيون في هذه المفوضات وفي هذا الملف انموذجا في التخلص من الوقوع في الشباك وتجاوز الموانع مع ضمان ان تكون النهاية في هذه الملفات نهاية سليمة ..لقد اثبت الايرانيون للعالم بانهم اليوم امام دولة جديدة لابد ان يكون لدورها في الحاضر والمستقبل اثرا في تشكل الاحداث في المنطقة والعالم وان من يشككون بهذا الدور عليهم ان يراجعوا صحة تقييمهم ..وقد تجلت القدرات الايرانية بشكل واضح في النجاح الكبير لادارة ملفات خطيرة لها امتدادات واسعة في المنطقة والعالم مثل الملف السوري واللبناني والعراقي وحتى الخليجي خاصة فيما يتعلق بالملف البحريني والعلاقة مع دول الخليج ..وتبدو ايران في نهاية المطاف كمن يمشي واثق الخطوة في اجواء تريد الولايات المتحدة الامريكية واسرائيل جعلها ملبدة بالوعيد والخوف والرعب والتهديدات والتلويح بالقدرات العسكرية لانزال العقوبة بايران المتسلحة بالقدرات النووية ..حتى ان هذا الوثوق والهدوء بان بشكل كبير في رفض وزير الخارجية الايراني تلبية دعوة وزير خارجية المملكة العربية السعودية لزيارتها والتباحث في مايثير مخاوف الخليجين عامة والسعوديين خاصة في الوقت الذي يوقع فيه امير الكويت في طهران في زيارة ذات حفاوة كبيرة رزمة من الاتفاقيات بين ايران ودولة خليجية …!!كما تجلى النجاح الايراني برفض الايرانيين التنازل عن الامساك بالتفاحات الاخرى في ظل هذا الضغط النووي والاصرار على الامساك بخيوط الملفات السياسية لاكثر من دولة ومايجري فيها من تقلبات واحداث بما يضمن المصالح الايرانية ..ويمكن وصف مايجري في هذا التنافس والتنابز بين الايرانيين والامريكيين بانه صراع من اجل الابقاء على مصالح كل طرف على حساب الاخر فالايرانيون لايريدون بعد هذا التاريخ الطويل للاحداث في الشرق الاوسط ان تكون الصناعة الوحيدة لهذه الاحداث امريكية فقط وهاهم اليوم يزاحمون اميركا والغرب (بهندستهم وصياغتهم ) للكثير مما يجري في المنطقة وتدوين حضورهم فيها بعلامة ( ساخت ايران ) ..!!

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة