الحاجة الى الخيال

أمير الحلو

الخيال هو ما يتمناه الإنسان من خلال الواقع والأحلام خصوصاً إذا عجز عن تحقيقه فعلياً فيسرح بخياله ليحققه إرضاء لرغبته، ولا أعتقد أن هناك إنساناً مهما كان لا يحلم بشيء يفتقده أو يتمناه ولكن الإختلاف يبقى رهينة بالقدرة والإمكانات والعزيمة وأساليب (التغيير) ضمن الطموح المشروع أو غير المشروع، فقد يتمكن البعض من تحويل أمانيه الى واقع في حين يخفق الآخر في ذلك فيلجأ الى الغيبيات أو أحلام الصحوة والمنام والأخيرة هي الغالبة فلا (ضريبة) عليها. وقديماً قيل أن الأحلام رأسمال المفلسين ولكن البعض يعد ذلك من باب الرومانسيات وبالتالي فأن لا ضير من هذا البديل الخيالي، وكما قال الجواهري العظيم حول أحلام الفقراء:

نامي جياع الشعب نامي
حرستك آلهة الطعام
نامي فان لم تشبعي من يقظة فمن المنام

وقد أثبتت الدراسات العلمية أن الجنين يحلم وهو في بطن أمه فيضحك ويبكي من دون أن يعرف ما ينتظره في الحياة الواقعية .. ويبقى يحلم من المهد الى اللحد فلا عقبة أمام الأحلام المجردة خصوصاً إذا لم تكن متعارضة مع أحلام الآخرين كما هو الحال عندما يرشح إنسان نفسه في إنتخابات عامة، فمهما كان موقفه فأنه يتمنى الفوز حتى عندما لا يكون بإستطاعته تحقيق أحلام الآخرين الذين يبقون بإنتظار أحلام مقبلة أكثر واقعية وإنسجاماً مع الواقع.
وبإعتقادي أن أبرز الأماني في حالات (اللجوء) الى الحلم تتعلق بأمور الحب والمال والسياسة علاوة على القضايا الشخصية والعائلية والوظيفة، وتختلف هذه الوسائل التي يلجأ إليها الإنسان فمنهم من يلجأ الى العنف والإحتيال في حين يميل الآخر الى إتباع أساليب إنسانية مشروعة بعيداً عن التهمة التي وجهت الى (ميكافيلي) بشرعية أي تصرف وصولاً الى الغاية، وهي تهمة وجهت إليه من قبل الكنيسة التي كانت تملك المال والسلطة في القرون الوسطى ووجدت من آراء ميكافيلي وكالفن ولوثر معول هدم للنظام الإقطاعي القائم آنذاك.
في مرحلة الصبا يحلم الإنسان كثيراً بما يتعلق بمستقبله ووضعه المالي والعاطفي ولكن الأحلام تتطور بتطور الإنسان نفسه وموقعه في المجتمع وقدرته على التغيير نحو الأفضل، فكم من فقراء تحوّلوا الى قادة وكم من الأغنياء ذهبوا الى مزبلة التأريخ مع طموحاتهم غير المشروعة وخصوصاً التي تقف في وجه التطور الحتمي للمجتعات على حساب الفكر الرجعي وممارسة النهب والسلب وإشاعة الظلم.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة