بؤس

مصطفى عبود

أعرفُ ما معنى

أن يكونَ الشخصُ بائساً يا صديقي

أن تبيعَ ملابسكَ الثمينةَ لمحال الرهانِ

كما تبيعُ روحكَ لهذا الهواءِ المتسخِ!

أن يتملككَ البؤسُ

كما يتملكُ هوسُ الدقائقِ شعرَ امرأةٍ عانسٍ..

يا صديقي 

هذهِ الحياةُ محضُ مصادفةٍ

وُلدتْ عن سهوِ نبيٍّ كان يشعرُ بالجوعِ!

أعرفُ كيفَ يجوع الخبزُ

كيفَ يسهرُ النهرُ تحتَ أقدامِ النوارسِ

عليكَ أن تُخفيَ كلَ أسمائكَ الحقيقيةِ

وتنسى كلَّ ما شاهدتَهُ من خلالِ سُرّةِ أُمكَ …

صرخةُ أخيكَ 

وهو يطلبُ منكَ عدمَ المجيءِ لهذا المكانِ العبثيِّ 

خيانةُ أبيكَ 

وهو يبتسمُ لامرأةٍ في السوقِ

برامجُ التلفازِ 

لإعطائك غذاءً مجففاً رخيصاً

يا صديقي 

اجمعْ أكبرَ عددٍ من العشيقاتِ 

اللائي يُمارسنَ الجنسَ مع عمودِ الملهى

حتى تُغضبَ البؤسَ

وتنسى تعاليمَ نبيكَ المحترمِ!

لا مكانَ للفرحِ 

عندما يُحدثكَ خريفُ السريرِ 

عن ربيعٍ يُطلُ من النافذةِ!

عليكَ أن تحزنَ بما يكفي لتُقنعَ الآخرينَ بالحياةِ!

وباسمِ كؤوسِ النبيذِ الفارغةِ

انتظرْ شيئاً يُفرحُ الربَ

وكأنكَ قسيسٌ

تركَ الصلاةَ وأناشيدَ الربِ البعيدِ

ليعملَ نادلاً في مطعمٍ فرنسيٍ مشهورٍ!

أنا يا صديقي 

ذلك القربانُ الذي لم يُقدموهُ 

خشيةَ أن يبكيَ اللهُ أو نموتَ جمعياً… 

أنا ما قالهُ الغرابُ 

حُزناً على الشجرةِ لاحتضانِ أخيهِ

كم أكرهُ الأشياءَ الناعمةَ 

كجلدِ عجوزٍ أو كوردةٍ

تُمارسُ الحبَ سراً!

يا صديقي رأيتُ امرأةً تصبغُ 

شعرها

لأنها تحلمُ في كلِ يومٍ أن يكونَ طبيعياً..

رأيتُ طفلاً يكرهُ الحلويات الأجنبية

ليسَ لكونهِ عربياً

بلْ لأنهُ لا يعرفُ كيفَ يسرقُ..

رأيتُ حصاناً ينزعُ حذاءَهُ الفضيِّ

ليعودَ ولو كذباً إلى طفولتهِ..

ليسَ هنالكَ متسعٌ للحقيقةِ في العالمِ

الكلُ 

يُحاولُ سرقةَ الهواءِ

أنتَ لستَ غريباً ك… العصافيرِ!

ضعْ نظارتكَ 

على ساحلٍ برتقاليِ النكهةِ

واصنعْ أُحجيةً من الرملِ 

… وارحلْ! 

دع العالمَ يلتقطُ صوراً لخيبةٍ أُخرى.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة