أتتركون حمير الله وتركبون الشمندفر؟

مقداد عبد الرضا*

هذا السؤال طرحه أحد الرجال الأشداء في محاربته للتكنولوجيا والإبقاء على الحياة مثلما هي من دون تطور, كان ذلك في بداية النصف الأول من القرن الماضي, والشمندفر أغاتي بالفرنسي هو القطار ويلفظ (شمندفيغ), نعرف فرنسي ومصلاوي, اللهم زدنا, أطلقها لما رأى الناس يركبون العربات والقطارات ويتركون حمير الله في جزء كبير من بلادنا العربية الشاسعة والواسعة وأيضاً اللاسعة, والذي يتقطر دما زكياً, كانت هناك بقع لا ترى بالعين المجردة, متجاورات, وكانت في خوالي الزمن تعد من المنسيات, تعيش على الكلأ وعيون الماء, كان الحمار هو اليد والرجل, وهو الأنيس وقت الشدة, وهذه الحمير التي ابتلاها الله بنا أحياناً تنوء تحت وابل البضائع وهي صابرة لا حول لها, لذلك سميت بأبي صابر, المهم نعود الى أصل الحكاية, كانت تلك المتجاورات لا أحد يهتم بها ولم يفكر أحد يوماً ما بوضعها فوق خارطة العالم. وبما ان الغرب كافر ودائم البحث عن المتاعب والاكتشافات, اكتشف ان النفط يمور تحت أرض هذه المنسيات, فهرع اليها, شق لها الطرق وبنى لها العمارات وجاء بأحد موديلات السيارات ألوانها زاهية وجميلة فرح لها القوم كثيراً, فصاروا يتنقلون بهذه السيارات, ولم تعد الحمير تنفع في التنقل, وفي صباح مغبر يكثر فيه التراب والرطوبة, تمرّد أهل تلك المناطق على حميرهم فسارعوا الى جمعها وتم نفيها الى أماكن بعيدة جداً, تعيش على الواحات والكلأ, مر الزمان, الزمان الميت, توحشت هذه الحمير وتطوّر البشر, تطوّر كثيراً حتى انه نسي تلك المخلوقات الوديعة, وبما ان الوجاهة جزء منها الصيد, فقد سافر الكثير منهم الى هذا الغرب الكافر بالطائرات العملاقة وجلبوا معهم أدوات صيد من كل الأنواع, صاروا يخرجون الى الصيد بكل فرح وسرور, يصطادون, لكن ماذا يصطادون؟ انهم يصطادون تلك الحمير التي توحشت بقسوة وضراوة.. علاقة الإنسان بالحيوان خلاف علاقة الحيوان بالإنسان..

• في مقبرة النجف ونحن نصور عملاً كبيراً لرمضان المقبل, جاؤا بامرأة بلغت من العمر عتيا, الماء الأبيض في عينيها جزاء البكاء الكثير على ولدها الذي إختفى في زمن الغول,, إنتبه السيد المخرج الى ان إصبعها مر عليه الإنتخاب, وهذا زمنياً غير صحيح, عالجوا الأمر, المخرج سألها, يمه رحتي انتخبتي؟ إي يمه ليش آنه وحد؟ مبروك عليج يمه, لكن إلمن انتخبتي؟ قالت والله يا يمه ماعرف إلمن, تعبت هذه المرأة من تكرار المشهد, كنت أجلس بجانبها تماماً, قالت مروتك يبو فاضل خلصني من هاي الورطة, تخلصت وراحت بصيد طيب, تستاهل هذه المرأة..

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة