معدلات التضخم في دول عربية أقل منه في دول اقتصادية كبرى

صندوق النقد العربي :

متابعة ـ الصباح الجديد :

كشف للاقتصادية الدكتور عبد الرحمن الحميدي، مدير صندوق النقد العربي، الى ان معدلات التضخم ببعض الدول العربية اقل بكثير من دول اقتصادية كبرى، على سبيل المثال متوسط التضخم بدول الخليج مازال بحدود3% بينما معدلات التضخم في اوروبا وامريكا بتعدى 8%، وهو ما يعزز كيفية كان تعامل الدول مع جائحة كرونا وتقديم السيولة.
واوضح الحميدي، الى ان التحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي، تحديات كبيرة، خاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وارتفاع معدلات الفائدة وتاثيرها على الاقتصاد، وهو ما عزز اهمية اجتماع المجلس في تبادل محافظي البنوك المركزية والمؤسسات المالية التجارب والاستفادة منها، لمعالجة ثلاث امور رئيسية ، تصدرتها الموجة التضخمية، التي اصبحت حديث الساعة واثرها على النمو الاقتصادي المخاطر معدلات الفائدة معدلات النمو معدلات البطالة، الامر الثاني تداعيات تغيرات المناخ والتمويل الاخضر وكيفية التعامل معها الامر الاخير خلال جائحة كرونا تم تبني حزم دعم مالي ونقدي ومصرفي.
واوضح الحميدي، الى ان مبادرة السعودية الخضراء ومبادة الشرق الاوسط الاخضر والاقتصاد الدائر الكربوني، التي قدمته السعودية تعد من افضل التجارب ولها القيادة بهذا الامر، وفيما يخص موجات التضخم شاركت دول الاعضاء بتجاربها بالتضخم وكيفية التعامل معها، خاصة وان التضخم يختلف من دولة لاخرى بحسب طبيعة ومكوناتها الاقتصادية، سواء للدول المستوردة والمصدرة للبترول، واردف الحميدي، الى ان الدول العربية ليست الوحيدة التي تواجهه التضخم بعض الدول العربية معدلات التضخم لديها اقل بكثير من معدلات التضخم بدول كبرى.
وحول تأثير الازمة القائمة بين روسيا واوكرانيا على ارتفاع معدلات التضخم، قال الحميدي، البنوك المركزية تعمل جاهدة على احتواء معدلات التضخم ، والسؤال هل نتيجة هذا التعامل مع معدلات التضخم ستؤدي الى الركود الاقتصادي؟، وتحاول البنوك المركزية ان تكون حذرة ليكون تأثيرها على النمو الاقتصادي في حدوده الدنيا.
وقال الحميدي إن إجمالي حجم الموارد التي قدمها الصندوق منذ 2020، حتى نهاية النصف الأول من 2022 نحو 2.25 مليار دولار، واشار خلال كلمته باجتماع الدورة 46 لمجلس محافظي المصارف المركزية والمؤسسات النقد العربية، إلى ان احتمالية دخول الاقتصاد العالمي في مرحلة ما يسمى بالتضخم الركودي، بحسب توقعات المؤسسات المالية الدولية والاقتصاديات العالمية.
وأوضح أن توقعات الاقتصاد العالمي ووفقا للتقديرات الاخيرة للمؤسسات المالية الدولية، تشير إلى أن معدل نمو الاقتصاد العالمي بـ 3.2 في المائة لـ 2022 و 2.9 في المائة لـ 2023، بعد أن كانت تلك متفائلة نسبيا نحو 3.5 و 4.4 في المائة على التوالي، ليعكس هذا الخفض في التوقعات وضع حالة عدم اليقين وما ستسفر عنه التطورات العالمية واحتمالية دخول الاقتصاد العالمي في مرحلة ما يسمى بالتضخم الركودي، حيث تشير آخر التقديرات إلى ارتفاع معدل التضخم العالمي، ليبلغ 8.3 في المائة في 2022، و 5.7 في المائة في 2023، مقارنة بـ 3.2 في المائة و 4.7 في المائة في 2020 و 2021 على التوالي.
وأشار الى أن الاقتصاد العالمي يشهد تحديات تتعلق بالأمن الغذائي وارتفاع أسعار السلع الاساسية بصورة متسارعة وتقلبات سلاسل التوريد العالمية، وانعكاس ذلك على معدلات التضخم، مما نتج عنه إعادة تقييم لوضع الاقتصاد العالمي، ومن هذا المنطلق تصعّب الموجة التضخمية التوجهات والخيارات المتاحة أمام البنوك المركزية حول العالم، التي لا تزال تكافح لدعم النمو الاقتصادي المتأثر أصلا بتداعيات وتطورات الجائحة، حيث اضطرت في هذا السياق، البنوك المركزية إلى تبني سياسات نقدية انكماشية في الوقت الذي لا يزال التعافي الاقتصادي معتمدا على التحفيز النقدي في ضل عدم قدرة الحكومات خاصة في الدول النامية، على مواصلة الدعم للاستخدام أدوات السياسة المالية لما ذلك انعكاسات على الانضباط المالي والاستدامة المالية.
وأضاف «مع أن رفع أسعار الفائدة بشكل تدريجي على أدوات السياسة النقدية، وهو أمر طبيعي ومتوقع لمعالجة التضخم، سيما أن أسعار الفائدة كانت منخفضة اصلا، فان الأمر بتطلب نظرة شمولية للسياسات التي تحقق التوازن لحفز النمو الاقتصادي من جهة والحد من التضخم والمحافظة على سلامة واستقرارا القطاع المالي، لذلك تمثل إجراءات المصارف المركزية بإتباع سياسة نقدية حصيفة مع وجود تنسيق مع السياسة المالية والسياسة الاحترازية الكلية، واعتماد برامج حكومية لدعم القطاعات الاقتصادية المختلفة، وسيلة مهمة للمحافظة على التوازن الاقتصادي، مع الاخذ في الاعتبار المخاطر والتحديات للتطورات العالمية الراهنة.
ونوه بالجهود التي بذلتها المصارف المركزية العربية في ضبط أوضاع القطاع المالي والمصرفي وتعزيز سلامته، حيث كشفت مؤشرات السلامة المالية للدول العربية أن مستويات كفاية رأس المال والسيولة مرتفعة في القطاع المصرفي العربي وأعلى من الحدود الدنيا المقرة بموجب مقررات بازل الدول (111)، حيث بلغ متوسط نسبة كفاية رأس المال للقطاع المصرفي في الدول العربية 17.8 في المائة مع نهاية 2021، فيما وصلت نسبة الاصول السائلة إلى اجمالي الاصول لهذا القطاع 23.7 في المائة في نهاية الفترة نفسها، كذلك أضيف أن نسبة تغطية مخصصات القروض إلى إجمالي القروض غير المنتظمة للمصارف العربية بلغت نحو 91.1 في المائة في نهاية 2021.
وبين أن هذه الارقام الجيدة، تعكس الجهود التي قامت وتقوم بها المصارف المركزية العربية لتعزيز متانة وسالمة مؤشرات أداء القطاع المصرفي، وتطوير التشريعات والسياسات والاجراءات الاحترازية. وقد أعلنت المصارف المركزية عن خطة العودة للمتطلبات الرقابية لوضعها لما قبل الجائحة بتدرج دون تحديات تذكر، حيث خلصت الدراسات لديها إلى قدرة البنوك على الخضوع لمتطلبات كفاية رأس المال والسيولة كما كانت مطبقة قبل الجائحة دون إخلال في دورها أو تأثر مستويات السيولة لديها في ظل إتاحة المدة الوافية لتلبية متطلبات الرقابية للسيولة.
وأوضح الحميدي، إلى ان تقديرات صندوق النقد العربي تشير الى ان مسارات النمو في الدول العربية تتأثر حاليا بثلاث عوامل رئيسة تشمل : التطورات المتعلقة باستمرار العمل بالاجراءات والترتيبات والحزم المالية لاحتواء التداعيات الناتجة عن الجائحة، وبالتأثيرات الناتجة عن التطورات العالمية الراهنة على الاقتصادات العربية، إضافة إلى المسار المتوقع للسياسات الاقتصادية الكلية خاصة السياسة النقدية.
وقال «وفقا لتقديرات صندوق النقد العربي، من المتوقع أن يشهد معدل نمو الاقتصادات العربية ارتفاعا 2022 ليسجل 5.4 في المائة، مقابل 3.5 في المائة المسجل في 2021، مدفوعات بالعديد من العوامل ياتي على راسها التحسن النسبي في مستويات الطلب العالمي وارتفاع معدلات نمو قطاعي النفط والغاز، ومواصلة الحكومات العربية تبني حزم للتحفيز لدعم التعافي الاقتصادي، فيما يتوقع تراجع وتيرة النمو الاقتصادي للدول العربية في 2023 ليسجل 4 في المائة، بما يتواكب مع انخفاض معدل النمو الاقتصادي العالمي، والتراجع المتوقع في أسعار السلع الاساسية، وأثر الانسحاب التدريجي من السياسات المالية والنقدية التوسعية الداعمة لجانب الطلب الكلي».
وكما تعلمون تأثرت معظم الدول العربية بالضغوطات التضخمية العالمية نتيجة للعديد من العوامل وفقا للتقديرات صندوق النقد العربي يتوقع تسجيل التضخم في الدول العربية كمجموعة مستوى مرتفع نسبيا خلال 2022 و 2023 يبلغ 7.6 في المائة و 7.1 في المائة على التوالي في ضل استمرار التطورات الدولية الراهنة التي يردي الى تواصل ارتفاع مستوى الاسعار في اسواق المواد الاساسية والطاقة.
وبين أن الدول العربية تواجه كغيرها من الدول الاخرى في هذه المرحلة، تحديات اقتصادية تستلزم بذل الكثير من الجهود والتحرك نحو تبني سياسات تساعد في دعم متطلبات تحقيق النمو الاقتصادي المنشود وبلوغ مستويات التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تحقق طموحات الشعوب، لعل من أهم هذه التحديات إلى جانب الارتفاع النسبي لمعدلات التضخم كما أشرنا، تبرز باستمرار تحديات البطالة في المنطقة العربية التي تسجل 11.3 في المائة بما يمثل تقريبا ضعف المعدل العالمي وفق بيانات البنك الدولي ويتمثل التحدي الاكبر في هذا السياق في تركز معدلات البطالة في فئة الشباب، حيث ترتفع بطالة الشباب في المنطقة العربية لتسجل 33.0 في المائة، مقابل 15.6 في المائة للمتوسط العالمي لبطالة الشباب، من جانب آخر، فإن تحدي تزايد معدلات المديونية على وجه الخصوص يعتبر كذلك من بين أبرز التحديات التي توا جه اقتصاداتنا العربية في ظل الارتفاع ا لذي شهدته مستويات الدين العام في أعقاب الجائحة التي وصلت إلى 756.2 مليار دولار بما يمثل 107.3 في المائة من الناتج المحلي الاجمالي للدول العربية المقترضة في نهاية 2021.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة