عصا التحرش

أثارت حوادث التحرش ضجة اجتماعية عبر مواقع التواصل والعالم الافتراضي باسره والحرب التي قادها فرسان « الفيس بوك» ضد كل متحرش يحاول ان يقطع الشعرة الاخيرة من النسيج الاجتماعي المتهالك للبيئة العراقية ، وقد صالوا وجالوا وحطموا وعلقوا رؤوس المتحرشين على المشانق واعلنوا الثورة ضد كل من تسول له نفسه بالعبث بشرف أي فتاة عراقية وان كان بالألفاظ ، واخذت بعض الاصوات تتعالى هنا وهناك عن بطولة وشجاعة تلك الفتاة التي اخرجت العصا الكهربائية وانهالت على الفئة المتحرشة بالضرب وجعلتهم يلوذون بالفرار فيما اتخذ رجل المرور دور المتفرج وهو الذي يمثل السلطة في الشارع وهذا موضوع آخر بحد ذاته، في حين الفتاة التي حوصرت من قبل عشرات الشباب في متنزه الزوراء انهالت عليها الألاف من الشتائم ووصفت بأبشع الالفاظ لكونها لم تكن تمتلك عصا كهربائية او استطاعت ان تحمل حجراً وتدافع عن نفسها ضد كل الذين احاطوا بها من دون ان تعرف ما جريمتها فلم تكن عارية ولم تبالغ في وضع المساحيق فهي كآلاف الفتيات الا انها اختارت المكان الغلط .
وما بين الحادثتين اللتين ظهرتا عبر كاميرات الموبايل هناك عشرات الفتيات يتعرض للتحرش بنحو يومي سواء كان تحرشا لفظيا او ماديا، وهي ليست بالظاهرة الجديدة بل على العكس هي من الظواهر المسكوت عنها وان اثيرت فستتحمل الفتاة وذويها وعشيرتها وزر وتبعات هذه الحادثة لكونها هي الملامة والمسبب الرئيس لجميع حالات التحرش وان كانت منقبة ولم تظهر حتى وجهها او يدها فمجرد نزولها من المنزل يعد دافعًا كبيراً للشباب للتحرش بها.
والمشكلة ان المتحرشين هم من بيئات متباينة تبدأ من الذين يقبعون تحت طائلة الفقر والعوز فما ان تمر فتاة من سائق « ستوتة « او بائع الغاز او الذين يعملون بجمع النفايات حتى ينهالوا عليها بأبشع الالفاظ النابية وهنا اقصد البعض ، فيما تكون الفئة الثانية من اسر متمكنة ماديا وهؤلاء يستخدموا مركباتهم لاعتراض طريق الفتيات وملاحقتهن وفي حال بدأت الفتاة بالدفاع عن نفسها والتهرب منه او الاستعانة بأحد للتخلص منه يبدأ سيل الشتائم والالفاظ الخارجة تجاهها ، وهنا اتحدث عن التحرش اللفظي اما التحرش المادي والذي تضج فيه الاماكن المزدحمة فمن الصعب الامساك بالمتحرش لكون الفتاة ان تحدث او صرخت فستكون فضحية لها ولعائلتها وان سكتت فستسمح له ولغيره بتكرار هذا التصرف الذي لا يخلو منه أي مكان مزدحم وان كان داخل مدينة مقدسة ، المهم ما ان حل الصباح حتى عاد الفرسان الى عالم الواقع سالمين غانمين .
زينب الحسني

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة