المخاطر الجيوسياسية تحيط بأسواق النفط وانتاجه ليس المؤثر الأوحد في مسار الأسعار

متابعة ـ الصباح الجديد:

استهلت أسعار النفط تعاملات الأسبوع على تراجع بسبب مخاوف من أن يؤدي التباطؤ الاقتصادي إلى تقويض الطلب على الوقود، إضافة إلى ارتفاع الدولار الذي يرتبط بعلاقة عكسية مع أسعار الخام.
وقال محللون نفطيون إن “أسعار النفط الخام أصبحت شديدة التقلب بالنسبة إلى التجار والمستثمرين، كما أن صناديق التحوط قد تنسحب من سوق النفط الخام اذا استمر تقلب الأسعار بشكل مفرط”، مشيرين إلى انخفاض نشاط تداول النفط إلى أدنى مستوى له منذ سبعة أعوام.
وذكر المحللون أن شركات النفط باتت تتخوف من الإنفاق الرأسمالي بسبب التقلب المفرط في أسواق النفط والحذر الذي يؤدي إلى تأخر مشاريع قد تساعد على إعادة التوازن إلى سوق النفط الخام مرة أخرى.
وأشاروا إلى أن جميع الشركات الكبرى للطاقة تدرك حقيقة أن النفط والغاز سيكونان مطلوبين لعقود مقبلة، رغم تسارع برامج انتقال الطاقة والتركيز على تنشيط الاستثمارات والأعمال منخفضة الكربون.
وقال روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية، إن “أسعار النفط الخام بدأت تعاملات الأسبوع كما كان متوقعا سابقا على تذبذبات ناجمة عن الغموض وعدم اليقين الذي يحيط بالسوق، وذلك في ظل مخاوف واسعة من الركود الاقتصادي”.
وأوضح أن ضعف نمو الإنتاج المحتمل ليس هو العامل الأوحد في التأثير في مسار أسعار النفط، مبينا أنه توجد أيضا حالة من عدم اليقين بشأن الطلب المستقبلي وصعوبة التنبؤ بشكل متزايد وسط تطورات مهمة ومخاطر جيوسياسية واسعة تحيط بالسوق، إضافة إلى تداعيات قانون خفض التضخم الذي أقره الكونجرس في وقت سابق من هذا الشهر. من جانبه، أكد ردولف هوبر الباحث في شؤون الطاقة ومدير أحد المواقع المتخصصة، أن الطلب على النفط في الوقت الحالي ربما يكون أقوى مما يتوقعه كثيرون، خاصة أن بعض المرافق في أوروبا تتحول من الغاز إلى النفط بسبب الأسعار المرتفعة للغاز، مشيرا إلى أن سوق العقود الآجلة للنفط انكمشت بمقدار الخمس منذ اندلاع حرب أوكرانيا بالتزامن مع تأرجح الأسعار وشح المعروض ومخاوف التضخم.
من ناحيته، قال ماثيو جونسون المحلل في شركة أوكسيرا الدولية للاستشارات، إن “تجارة النفط الخام تسعى جاهدة إلى التعافي من تداعيات السوق الحادة التي حدثت في الأشهر القليلة الماضية خاصة بعد اندلاع حرب أوكرانيا وما ترتب عليها من إقرار عقوبات وحظر على النفط الروسي في أوروبا بنهاية العام الجاري”.
وأضاف أنه “على عكس الأعوام السابقة استحوذ النفط والسوائل على معظم الاكتشافات حيث بلغ حجم الاكتشافات 1.2 مليار برميل مكافئ أو ما يقرب من 70 في المائة من الأحجام هذا العام”، بحسب بيانات شركة ريستاد إنرجي الدولية.
بدورها، قالت نايلا هنجستلر مدير إدارة الشرق الأوسط في الغرفة الفيدرالية النمساوية، إن الدورة الاقتصادية الحادة السابقة والمرتبطة بأزمة جائحة كورونا جعلت شركات التنقيب والإنتاج تتعلم دروسا مهمة حول التميز التشغيلي والانضباط الرأسمالي الذي يخدمهم حاليا بشكل جيد وأيضا في المستقبل.
وأشارت إلى أن تعافي الأسعار منذ العام الماضي منح شركات الطاقة تدفقا نقديا كبيرا، وعلى الرغم من ذلك خففت أغلبية الشركات من نشاط الحفر، واختارت بدلا من ذلك إعادة رأس المال إلى المستثمرين وتحسين المحافظ المالية وتعزيز اقتصاداتها بشكل عام.
وفيما يخص الأسعار، هبط النفط أمس منهيا ثلاثة أيام من المكاسب وسط مخاوف من أن تؤدي الزيادات الكبيرة في أسعار الفائدة الأمريكية إلى تباطؤ اقتصادي عالمي وتقويض الطلب على الوقود.
وبحسب “رويترز”، تراجعت العقود الآجلة لخام برنت للتسليم في تشرين الأول 1.17 دولار أو 1.2 في المائة إلى 95.55 دولار للبرميل خلال التعاملات أمس مع مخاوف من تباطؤ الطلب في الصين بسبب أزمة الطاقة في بعض المناطق التي أثرت أيضا في الأسعار.
وهبطت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي للتسليم في أيلول ، التي انتهت أمس، 1.12 دولار أو 1.2 في المائة إلى 89.65 دولار للبرميل. وسجلت تعاقدات تشرين الأول 89.29 دولار بانخفاض 1.15 دولار أو 1.3 في المائة.
وارتفع سعر كل من برنت وغرب تكساس الوسيط لليوم الثالث على التوالي الجمعة، لكنهما انخفضا بنحو 1.5 في المائة خلال الأسبوع بسبب ارتفاع الدولار ومخاوف بشأن الطلب.
وقال هيرويوكي كيكوكاوا المدير العام للأبحاث في شركة نيسان للأوراق المالية إن “المستثمرين يشعرون بقلق من أن احتمال رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة بشكل كبير قد يتسبب في تباطؤ اقتصادي واستنزاف الطلب على الوقود. فرض قيود على استخدام الكهرباء في بعض المناطق في الصين يمثل أيضا مصدر قلق لأنه قد يؤثر في النشاط الاقتصادي”.
وذكرت وسائل إعلام حكومية وإحدى شركات الكهرباء أن إقليم سيتشوان في جنوب غرب الصين بدأ في الحد من إمداد المنازل والمكاتب ومراكز التسوق بالكهرباء الأسبوع الماضي بسبب أزمة الطاقة الشديدة التي سببتها موجات الحرارة الشديدة والجفاف.
وأثر أيضا ارتفاع الدولار، الذي يحوم حول أعلى مستوى له منذ خمسة أسابيع، في أسعار النفط الخام لأنه يجعل النفط أكثر تكلفة بالنسبة إلى المشترين بالعملات الأخرى. من جانب آخر، ارتفعت سلة خام “أوبك” وسجل سعرها 99.66 دولار للبرميل الجمعة مقابل 98.22 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وذكر التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” أمس أن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق ثاني ارتفاع على التوالي، وأن السلة خسرت نحو أربعة دولارات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 103.83 دولار للبرميل.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة