والله إن هذه الحكاية حكايتي

متابعة الصباح الجديد:

صدرت عن منشورات المتوسط -إيطاليا، رواية جديدة للكاتب والمفكّر والناقد المغربي عبد الفتاح كيليطو، بعنوان «والله إنّ هذه الحكاية لحكايتي». وجاءت عناوين فصولها الخمسة كالتالي: «نورا على السطح»، «أبو حيَّان التوحيدي»، «قَدَر المفاتيح»، «هي أنتِ، وليست أنتِ»، و»خطأ القاضي ابن خَلّكان».
روايةُ كيليطو تبدأ بحدثٍ غريبٍ، كأنَّه تسلَّلَ من كتاب، وهو طيران نورا مع ولدَيْها، بعد ارتدائها لمعطف الريش، وانتظارها لزوجها حسن ميرو حتى يستيقظ لتُودِّعَهُ. تُلامُ الأمُّ بكشفِ سرِّ مكان المعطف، عن سذاجةٍ أو قصدٍ لتصرُّفها ذاك، بينما تتداخلُ الحكايةُ مع توالي الصفحات مع قصة حسن البصري، وما حدثَ له مع الجنيَّة التي تُيِّمَ بها، وسرَق لها ثوبَ الرِّيش أو بالأحرى جناحَيْها بعد أن خلعتهُما وغطست في البُحيرةِ لتستحمّ. يبدو المشهد المتشابهُ بين الواقع والمرويَّة مُتداخلاً، غامضاً، يتكرَّرُ في أكثر من قصةٍ واحدة، تماماً كتلك القصص غير المكشوفة التي تظلُّ قابلة للتغيير.
ومثلما يتسلَّلُ الأدب إلى العلاقة بين الرسَّامة نورا وحسن ميرو وهو يشتغل على أطروحة دكتوراه موضوعُها أبو حيَّان التوحيدي وكتبهِ المفقودة أو غير المقروءة؛ تتسلَّلُ بعبقريةٍ نادرةٍ، منبعُها المرجعية الفلسفية والفكرية للكاتب والمفكّر المغربي عبد الفتاح كيليطو؛ كتبٌ وأسماء وحكايات تتقاطع مع التراث وتستعيدُ كتبَ الجاحظ والتوحيدي وألف ليلة وليلة وغيرها، وتحيلُ القارئ إلى أسئلة وجودية، إبداعية وإنسانية، تبدأ بتحذيرٍ مُلغَّم: «لا تفتح هذا الباب، أمنعُكَ من ذلك مع علمي أنك ستفتحه».
وما البابُ إلَّا كتاب لا نسلمُ من لعنتِه بمجرَّد الشروع في قراءتهِ، باعتقاد راسخٍ أنَّهُ «يوجد دائماً من يحكي قصَّتنا».
كما ونقرأ على ظهر الغلاف: «في الليلة الواحدة بعد الألف قرَّرت شهرزاد، وبدافع لم يُدرَك كنهه، أن تحكي قصَّة شهريار تماماً كما وردت في بداية الكتاب. ما يثير الاستغراب على الخصوص أنه أصغى إلى الحكاية، وكأنها تتعلَّق بشخص آخر، إلى أن أشرفت على النهاية، وإذا به ينتبه فجأة إلى أنها قصَّته هو بالذات، فصرخَ: والله، هذه الحكاية حكايتي، وهذه القصَّة قصَّتي».
«والله إن هذه الحكاية لحكايتي» لـ عبد الفتاح كيليطو روايةٌ صدرت في 144 صفحة من القطع الوسط، تُشبه رحلةً سحريَّة في بلاد عجائب الكُتب؛ سفرٌ وحبٌّ ومخطوطاتٌ وآلهةٌ وجنِّياتٌ ونساءٌ فاتنات، وعودةٌ لا تكلُّ للحفرِ بحذقٍ في التراث العربي. كيف لا وبطلُ هذه الرواية كتابٌ.
من الكتاب:
يحدث هذا، مرَّة أخرى، في بيت والدَيَّ: ساحة مربَّعة، مفتوحة على السماء.
وبالضبط، توجد نورا، زوجة حسن، في الأعلى، على السطح، وقد ارتدت ثوبها من الريش. في ذراعَيْها طفلان نائمان، عُمُر أحدهما سنة، والآخر سنتان. إنها تنتظر منذ الفجر أن يستيقظ حسن.
يُفتح باب الحجرة أخيراً ويظهر. يتثاءب ويمدِّد يدَيْه بارتياح، ثمَّ يرفع عينَيْه وحين يُبصِر نورا، يعلم فوراً أن كلَّ شيء قد ضاع، وأنها سترحل عنه، وليس بإمكانه إيقافها.
قالت:
– لم أكن أودُّ الذهاب قبل توديعكَ
ومباشرة، بعد ذلك، طارت وحلَّقت بعض الوقت فوق البيت، ثمَّ اختفت.
عن الكاتب:
عبد الفتاح كيليطو، كاتب وناقد مغربي، وُلد عام 1945 في مدينة الرباط، يكتب باللّغتيْن العربيَّة والفرنسيَّة، اشتغل على التجديد في الدراسات الأدبيَّة العربيَّة، وصدر له في ذلك عدَّة مؤلَّفات، منها خمسة أجزاء كأعمال كاملة سنة 2015، وهي: «جدل اللغات»، الماضي حاضراً»، «جذور السَّرد»، حمَّالو الحكاية»، و»مرايا». بالإضافة إلى أعماله التي نُقلت بين اللغتيْن: «من نبحث عنه يقطن قربنا»، 2019.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة