الثناء الباقي والخيار الأخلاقي

  • 1 –

حين امتدح الله سبحانه سيّد رسله وأنبيائه المصطفى الهادي الأمين ( صلوات الله عليه وعلى الهداة الميامين من آله الطاهرين وأصحابه الراضين المرضيين – قال له :
” انّك لَعَلَى خُلُقٍ عظيم “
الفرقان /74
وبقيت أصداءُ هذا الخطاب ترّن في الاسماع جيلاً بعد جيل،مُنَبهةً على الأهمية الاستثنائية للعامل الأخلاقي في حياة الفرد والمجتمع والأمة .

  • 2 –

ومَنْ منّا لم يسمع بقوله (ص) :
” بُعثتُ لأتمم مكارم الأخلاق !!
فمكارم الاخلاق هي الغاية ،وبها كانت أمتُنا خيرَ أمّةٍ أُخرجتْ للناس

  • 3 –

قال الشاعر – وهو يحث على التمسك بأهداب الأخلاق –
كلُّ الامور تزولُ عنكَ وتنقضي
الاّ الثناء فانَّه لك باقي
ولو آنني خُيّرتُ كلَّ فضيلةٍ
ما اخترتُ غيرَ مكارمِ الأخلاقِ

  • 4 –

انّ الأمة بأخلاقها
وكما قال الشاعر :
وإنَّمَا الاممُ الاخلاقُ ما بَقِيَتْ
فانْ هُمُ ذهبتْ أخلاقُهُم ذهبوا
وقال :
واذا أُصيبَ القومُ في أَخْلاقِهِم
فَأَقِمْ عَلَيْهِم مأتماً وعويلا

  • 5 –

ولم أشهد – وقد ذَرَّفْتُ على السبعين – مرحلةً من مراحل الانحطاط الأخلاقي كمرحلتنا الراهنة، التي أصبح الفساد فيها السمة البارزة السارية الى شتى المناحي والجهات،الى الدرجة التي اختلط فيها الحابل بالنابل وأصبحت النزاهة أندر من الكبريت الأحمر – كما يقولون –

  • 6 –

البراعة عند كثير – مِنْ عَبيدِ الدنيا اليوم – هي القدرة على تزويق الكلام وتنميقه بالأكاذيب التي ما انزل الله بها مِنْسلطان، واعتماد الغش والاحتيال والتلاعب أساساً في مجمل التعاملات الحياتية ..!!
وهكذا حلّت الخيانة مكان الأمانة، والنرجسية المقيتة مكانَالموضوعية، وتقدّم المزورون على ذوي الفضل المتمرسين،وغُلِبّتَ المصالح والمنافع على المبادئ والقيم والمثل الرفيعة ..!!
ولم يعد للوثوق بالآخرين محلٌ من الإعراب …

  • 7 –

والناس تَلْعَنُ المرتشي ولا تنسى الراشي، وتبحث عن الصفاء والنقاء فلا تجد غير الجفاء والعناء ..!!
ولم يعد ثمة في القاموس مِنْ مُحرّم يتحاشاه الناس :
فسرقة المال العام شائعة،
ورفع الأسعار من دون رحمة وبلا مروءة أمرٌ لا يمكن نكرانه .
وليس ثمة من حريص على الوفاء بتعهداته ووعودهالمعسولة، حيث تتجدد عمليات الضحك على الذقون،
والملايين من العاطلين يتسكعون على أبواب السلطويين ويرجعون منهم بخُفَى حنين .
والجيوش الالكترونية تمارس أعمالها التضليلية آناء الليل وأطراف النهار بلا هوادة .
ولقد بات الوضع الأخلاقي مُزْرِياً للغاية، وهذا ما يملأ النفس أَلَمَا وغَمّاً..

  • 8 –

انّ سرد مظاهر التردي الأخلاقي في العراق الجديد بالتفصيل لا تتسع لهذه المقالة العجلي، وحسبنا أنْ نُلفت الأنظار، ونقرع أجراس الانذار، داعين الى إحداث التغيير في نفوسنا أولاً ليصحَّ بعدها استهداف التغيير لكل الأوضاع الاخلاقية المتردية في المجتمع،ن ومراجعة الذات بغية اصلاحها هي الخطوة الاولى في رحلة الالف ميل ، والله المستعان وهو الموفق للخلاص من الاوضار والاخطار .حسين الصدر

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة