وداعا رفعت الجادرجي

فوزي عبد الرحيم السعداوي

بوفاة رفعت الجادرجي يكون جيل كامل من مبدعي النهضة العراقية قد اختفى، فالمبدع رفعت الجادرجي المهندس المعماري العالمي على الرغم من بعده عن العمل السياسي الا انه لم يستطع أن يكون بمنأى عن التأثر بالسياسة ليس فقط من باب أبيه كامل الجادرجي ولكن أيضا من خلال عمله كمهندس.

عندما عاد من لندن بعد إكمال دراسته كان شيوعيا ولست متاكدا من وجود التزام حزبي لديه لكنه يقول ان أباه كامل الجادرجي شكاه إلى القيادي الشيوعي عامر عبد الله قائلا دحجوا ويه رفعت خلي يدير باله علي.

تزوج من السيدة بلقيس شرارة ابنة أستاذ العربية المعروف محمد شرارة وهم من أصول لبنانية شيعية، وهي أخت الأديبة والمترجمة حياة شرارة التي قضت مع ابنتها في حادث مريب تسعينيات القرن الماضي وقد قرر العريسان منذ البداية ان لا ينجبا الاطفال، بعد ثورة ١٤ تموز دعي لتصميم القاعدة التي يجلس عليها نصب الحرية حيث يقول، في تلك الفترة كانت الشوارع تضج بالتظاهرات وهي تحمل اللافتات، فقررت ان تكون القاعدة على شكل لافته مرئية من كل الاتجاهات.

وفي أثناء الاعداد للنصب استدعاني عبد الكريم قاسم ولأكثر من مرة، حيث في إحدى المرات سأل عن امكانية الرمز في النصب لمن فجر الثورة، أصيب جواد سليم بالإحباط وهو يرى مشروعه يتحطم قائلا، ارايت انه يريد وضع صورته في النصب، هونت عليه وطلبت منه أن لا يهتم بذلك، حيث كان ذلك مقترحا لأحد الفنانين الكبار (اللوكية).

في أكثر من زيارة وأثناء وجودي مع الزعيم قاسم كان يأتيه السفرطاس الذي يحتوي وجبته الغذائية المرسلة من بيت أخيه، وكان يدعوني لتناول الغذاء معه وبالطبع كنت أعتذر عن ذلك، كنت أرى ما يحتويه السفرطاس الذي في الغالب يكون تمن ومرق أو دجاج، وفي إحدى المرات دعاني للغداء معه فاعتذرت كالعادة فما كان من أحمد صالح العبدي رئيس أركان الجيش والحاكم العسكري العام ان يلكزني قائلا وبصوت خافت أكل، جامله فأجبته ما أكدر والحقيقة ان نفسي لم تكن لتطيق أو تستسيغ هكذا أكل.

في العام ٧٧ اعتقل دون ان يعرف سببا لذلك وبرغم ان ذلك استمر لعشرين شهر، وقد تبين لاحقا ان سلطة بغداد أرسلت مجموعة لاغتيال عبد الرزاق النايف في لندن حيث بعد تنفيذ المهمة أعتقل عنصران من المجموعة فأرادت حكومة بغداد الضغط على لندن لاطلاق سراحهما فصدرت الأوامر بالبحث عن أي بريطاني متواجد في بغداد واعتقاله، وبالفعل تم اعتقال ممثل شركة ومبي البريطانية الذي تعرض للتعذيب بهدف الحصول على اي معلومات تخدم السلطة فاعترف انه يعرف رفعت وزار مكتبه في مسعى لابرام عقد لكن ذلك لم يتم بسبب عدم الاتفاق.

وجدت السلطة ضالتها فاعتقلت على خلفية الكراهية الشديدة التي يكنها الرئيس أحمد حسن البكر لأبي

كذلك كانت هناك خلفية لموقف البكر مني فقبل سنين استدعاني طالبا مني استخدام مكتبي في البحرين من قبل المخابرات العراقية على خلفية رفض السلطات البحرينية فتح فرع لمصرف الرافدين، ولكن تمت تسوية الموضوع بتوسطي وطلبي من ولي عهد البحرين الذي وافق على السماح بفتح فرع لمصرف الرافدين برغم شكوكه بالهدف من ذلك.

عنصر آخر في موضوع اعتقالي عرفته لاحقا حيث تبين اني أدين بثأر لسعدون شاكر مدير المخابرات الذي لم يغفر لي اني كنت يوما أعمل في مطار المثنى واتنقل بحقيبة دبلوماسية في حين كان هو يعمل ساعي.

توسط لي كثيرون لكنهم فشلوا لكن برزان الأخ غير الشقيق لصدام الذي كان مساعدا لسعدون شاكر ومنافسا له أخبر صدام بالأمر في وقت كان يحتاج لشخص مثلي في أمانة العاصمة، وهكذا أطلق سراحي لأظهر في اليوم التالي برفقته.

في الوقت ذاته أبلغت بقرار صدام بهدم نصب الجندي المجهول الذي كان من تصميمي فذهبت على الفور والتقطت لي معه صورة للذكرى وكنت قد أعتقلت في العام ١٩٦٣ أثناء سلطة البعث بتهمة تبذير أموال الدولة علما ان النصب كلف وقتها ٧٠ الف دينار.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة