وداد إبراهيم
يبقى الفن هو اللغة التي يتحدث بها الفنان ويعبر عما حوله من خلال الفرشاة والقماشة او اللون او يتاح له ان يقدم كتلة نحتية تتحدث عما يحدث في عوالمه وبيئته وحياته، ليجمع حدود نصه الفني في زمان واحد، وهو لحظة الحدث كما حدث لبعض الفنانين الذين جسدوا الحياة مع معاناة العالم من فايروس كورونا الفتاك.
الفنانة لميعة الجواري قالت: يبقى الفنان يبلور أفكاره وتأملاته عبر لوحة او عمل نحتي او حتى تخطيط، وكأنه لا يمتلك كلاما كثيرا بل صمتا متراكما فيجعل عمله الفني هو من يدون صمته، وكأنه يكثف الصمت ويحوله الى لوحة، فقد يكتفي الفنان بعمل أصابعه كي يعبر عن حدود سخطه ووجعه من حالة معينة فيرسم الانتصار او القوة في الصبر على ما يحدث من حوله كما كان في الحروب والحصار، او يجسد الحرب او المرض بلوحة او نحت مخيف ومرعب ليعبر ان ما يحدث للعالم من مخاطر، واكيد هذا ما يحدث مع الفايروس (كورونا) الذي يحصد أرواح الناس في كل الكرة الأرضية، وانا الان بصدد عمل كرافك يمثل بشاعة الفايروس (كورونا.) ويتحدث عن انحسار الانسان لخوفه من حالة معينة، الا ان هذا الانحسار سيمكنه في النهاية من الانتصار على كل اعداءه واقصد المرض او العدوى او أي عدو يهدد امنه وحياته وسعادته.
اما الفنان علي عليوي والذي انجز لوحة بعنوان (كرونا تجهض الشمس) تحدث عن عمله قائلا:
المعروف ان الفنان يمتلك إحساسا عاليا لما يحدث حوله ويعبر عن فرحه او حزنه او قلقة او خوفه من خلال اعماله، لأنه مثل الشاعر او الاديب الذي يجسد الاحداث بعمل ادبي او قصيدة شعرية، فهو ليس بعيدا عن مجتمعه وبيئته، وفي ظرف مثل ما يحدث لنا الان من تفشي فايروس(كورونا) القاتل، ولا يمكن للفنان ان يرسم لوحة غير ما يحدث حوله، وغير ما يحدث للعالم لأنه يصور معاناة واوجاع وصراعات تفتعل داخله، وقد يضع النهاية في عمله لان العمل الفني هو حكاية لها بداية ونهاية، ولوحتي(كرونا تجهض الشمس) تتحدث عن العمق التاريخي للعراق، الا ان هذا التاريخ كان قد تعرض الى القنابل المسيلة للدموع، فأسد بابل يلبس الكمامة من الوباء، وحمورابي يختنق من القنابل المسيلة للدموع والحمام يحلق في السماء يبحث عن استغاثة، وما ان تبدأ الشمس تشرق على العراق وعلى حضارة تعد من اعرق حضارات العالم حتى يأتي وباء قاتل في موعد كان العراق ينتظر اشراقة جديدة للشمس، لكن ما يحدث ان هناك حالة من التحدي والتصدي والإصرار، وقد جسدته بالحصان والذي يرمز للقوة والسرعة والخلاص من الوباء فيأخذ معه كل ما يحجب الشمس او يحاول ان يجهض نورها ليعود العراق سالما معافى، بل يعود بالوان البهاء والجمال والحرية التي رسمها له ابناءه والتي تمثل مستقبلا زاهرا للعراق والعراقيين.
فيما قدم الفنان محمود عجمي واحدة من اساطيره في الفن اذ قدم عمل نحتي بعنوان (كورونا تأكلنا) وقد جسد العمل على شكل دائرة وكأن دورة الحياة تكاد تلوذ بالفرار من هذا الفايروس الفتاك.
تحدث عن عمله قائلا: هو عمل فخاري تشكل على هيئة دائرية تماهت مع الحدث وعلى مستويين: الأول، تجسد في التشاكل مع ما جاء عليه شكل (فايروس كورونا) الكروي الشكل بالعموم، مع ما عليه من تضاريس تميزه، مع وجود شبكة خشنة الملمس وهذا الجسم يريد ابتلاعنا دون سابق انذار فيما جاء المستوى الثاني لفعل الحدث معبرا عنه بجنسين خاضعين للابتلاع_ المرأة الحامل وهي مستلقية ورأس ثور بعين دائرية تترقب الحدث الغريب(الكورونا) وقد جسدت العمل برؤية فنية لامست الواقع الذي نحياه الان بترقب محفوف بهلع ودعاء بجلائه عنا.