بلا شك

عبد الله حسين

بلا شك
سيحمل الأطفال
حقائبهم المدرسية
ذات صباح آمن
دون ضجيج
دون ضباب
دون دخان
بلا شك
سيعود صوت فيروز
يصدح في المنازل
و المحال
وفي مذياع السيارات
بلا شك
سيولد وطن جديدٌ
يحضن أولاده
في كل موجة برد


كل شيء يمر على عُجالة
الصباح لا يمكث طويلاً
يركض مسرعا
كساعي البريد
يضع الرسالة في يد النهار ويمضي
الغيوم مثلاً
تجرُ بعضها البعض وتمضي
الساعات تجري
والايام تجري
والشهور والسنين
ومثلهم الحياة تجري
دون هوادة
الباعة يمرون على عَجل
والسيارات تمرُ على عجل
اللحظات الجميلة
هي كذلك تمر على عجل
والاحياء
يموتون على عجل
رغم انهم جثث
تمشي وتنفس


كل هذا الضجيج
من زحام السيارات
وأصوات المارة
واجدني اغوص
في بئر من الصمت!
لا يقصدني احد
لأرشده على بناية
أو شارع ما
كل شيء من حولي
لا يُثير دهشتي
حتى ذلك العصفور
الذي يعانق حبيبته
يعانقها بغية الدفء لا أكثر
يا الله كم بارد
الطقس من تحتك
لا معطف جديد
لا مدفئة
أسلي نفسي بمواويل خافته
وبقايا ذكرى لراحلين
اضلوا طريق العودة
تنبت الف فكرة وفكرة
وسرعان ما تموت


في الليل
وحدهم العشاق يسمعون همس
النجمة للقمر


في الصباح
وحدهم الاطفال يزيلون
هموم الليل الجاثمة
على الصدر


في النهر
وحدها الضفة تسمعُ
حديث الماء


في الربيع
وحدها الفراشات
تعرف كيف تورق الاشجار
وتُزهر الورود


في الشوارع
وحدها الارصفة تتحسسُ
حزن المشردين وتسمع بكاؤهم الخفي.


في الحرب
وحدهم اليتامى والارامل
يتذوقون طعم الخسارة المر


في المقابر
وحدهم الحراس مَن يسمعُ
أنين الموتى


في البحر
وحدها الاسماك
شاهدة على غرق المهاجرين

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة