إرث المتنبي

سارة الزين

هوَ ذاكَ..أراهُ وأعرِفهُ
ذاكَ المنحوتُ بخصلةِ أوجاعي
سأقدِّسُهُ
ذاكَ المنسيُّ على حبري بين الأوراقِ
تكدّسَ صمتاً فوقَ دمي
كم عاقرَ ريحاً من بغدادَ
تصبُّ الجمرَ على لغتي
وَحروفُ الخوفِ مبعثرةٌ
من أوّلِ «دجلةَ» حتى آخرِ مقهىً
خلْفَ زوايا الموت
وَنباحُ الليلِ سقيمُ الوَقْعِ وَيُرعبني
من شرفةِ «طوروس» المنفى
أسيرُ صعوداً نحو اللهِ
أمدُّ غصونيَ كي ترقى صوبَ الملكوت
وأظلُّ أمدُّ ..
.. أمدُّ
.. أمدُّ
وَصوتي يخنقهُ التابوت
وَأنا ما بينَ النهرينِ المذهولُ أمزّقُ كلّ حضاراتي
وَأصفِّفُ وجهَ الريحِ
أحرِّرُ مجرى الماءِ من التقديسِ
وَمن «آشورَ»
لِأنقَشَ فوق «تماثيلِ الثيرانِ» جناحاً من حلمٍ منحوت
وَأعيرُ دَجْلَةَ جُمْجُمتي.
هذي لغتي
صُبّي التاريخَ على وجَعي
صُبّي عينيكِ
لأُسقى كأساً من عينيكِ
لأشربَ تاريخيَ الممقوت
ويَظلُّ يؤجِّلُ فيَّ الوعيُ
أظلُّ أقاومُ سَهْمَ الضوءِ
أظلُّ فراتيَّ النزعاتِ
يُدَثِّرُني صوتٌ أعلى
وَيظلُّ حنينيَ للناسوت
جئتُكِ خوفاً من لغتي
هرباً من نعتٍ يسبقني نحوَ المنعوت
قدّمتُ لوجهكِ قرباني
أدّيتُ صلاةَ الدمعِ كآخِرِ نزفٍ من شفتي
وَتركتُ يَدي
تنقَضُّ على أحلام الوهم الراكِضِ خلْفَ غدي
حتّى آتيكِ وألقى وجهَكِ
ثمَّ أموت

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة