التعقيد في المشهد السياسي العراقي واضح وحزمة الاخطاء المتراكمة تحتاج الى قرارات تعالج الأمور جذريا وكان من الممكن لحكومتي رئيس الوزراء نوري المالكي الذي تولى رئاسة الوزراء لمرتين أن تشرع بوضع الاصلاحات السياسية مع تنامي الفساد في مؤسسات الدولة وهدر الأموال العامة إلى جانب حصول الانهيارات الامنية والعسكرية التي مكنت عصابات داعش الارهابية من احتلال الموصل ومن ثم احتلال محافظات صلاح الدين والانبار وأجزاء من محافظتي ديالى وكركوك ولم يتعامل المالكي بشكل مسؤول مع حركة الاحتجاجات الشعبية التي انطلقت عام 2011 والتي طالبت بشكل سلمي بوقف الفساد وانهاء نظام المحاصصة اللذين تسببا في زعزعة الثقة بالنظام السياسي والتشكيك بالعملية الانتخابية ووصمها بالتزوير وكان من المتوقع حينها أن تصل أصوات المحتجين إلى قبب الرئاسات الثلاث وان تستجيب للمناشدات التي انطلقت في المحافل المدنية ووسائل الاعلام لتحقيق الاصلاحات الا أن ماحصل هو تسويف ومماطلة وتكرار التجربة السياسية في حكومة حيدر العبادي باتفاقات حزبية قادها زعماء الاحزاب والكتل السياسية المنضوية في قبة البرلمان واسهم الانشغال بالحرب ضد داعش في تدعيم اوضاع القوى الحزبية ومنحها وقتا أطول في المضي في نهجها للابقاء على مصالحها والاستئثار بالمناصب ومع تفاقم الأزمات الإقتصادية ونفاد صبر العراقيين أصبحت المواجهة حتمية مع حكومة عادل عبد المهدي الذي اخطأ في حساباته حين أعتقد بأن خلع رداء الحزبية عنه سيمكنه من العمل بشكل مستقل من دون ضغوطات وما حصل أن هذه الاستقلالية كانت الباب الواسع لفرض الارادات الحزبية على قرارات الحكومة.
ومادامت المواجهة حصلت بين الشعب والنظام السياسي من اجل استعادة الحقوق وتقويم النظام وتحقيق الاصلاح فان الرهان على هذه الطبقة السياسية بات اليوم رهانا خاسرا مع كل هذا الفشل والاخفاق ومحطات الوعود والتسويف وان عراقا جديدا مختلفا لايمكن أن نراه مع بقاء الوجوه السياسية نفسها التي مل منها الشعب العراقي ولم يعد يتقبل حتى سماع اسمائها وبالتالي فان مفاتيح التغيير السلمي وتجنيب البلاد الفوضى والانطلاق نحو الاقتتال الداخلي تتمثل بخطوتين أعلنت عنهما المرجعية الدينية الأولى تشريع قانون جديد للانتخابات يتبنى التصويت الفردي في الدوائر المتعددة والمجيء بمفوضية قضائية للاشراف على الانتخابات لايحمل اعضاؤها أي ارتباط سياسي مثل هذا القانون ومثل هذه المفوضية تخشاهما أحزاب السلطة لأنها تعني ببساطة اغلاق منافذ التأثير والتمويل والتزوير في الانتخابات وبالتالي لن يرى العراقيون وجوه الطبقة السياسية الحالية وهذه يجب أن تكون مهمة الحكومة الحالية على ان تقدم استقالتها بعد تنفيذ هذين الخطوتين ومن ثم الانتقال لاجراء انتخابات مبكرة وبهذا نكون قد قطعنا الطريق على أية سيناريوهات مرسومة لتأجيج الاوضاع في العراق وجره إلى منزلقات خطيرة
د. علي شمخي