تركيا تدرس زيادة حصة العراق من المياه باقرب وقت
متابعة الصباح الجديد:
مرة اخرى، يتكرر مشهد الهجرة من الريف الى المدينة، ففي ظل شبه جفاف مياه هور الجبايش في ذي قار، فقدت العوائل مصدر معيشتها الرئيسي، مع نفوق الاسماك والمواشي الخاصة بها، نتيجة لذلك.
لعلّ ابرز المعالجات العاجلة الان، تتمثل بزيارة المسؤولين المحليين وتحديد كمية المياه المطلوبة لاعادة احياء الاهوار، بحسب الاهالي الذين طالبوا بشمول ابنائهم بالدرجات الوظيفية، كتعويض عما تسببت به الازمة.
ويقول مختصون ان هذا التناقص في مناسيب المياه، ازداد نتيجة تقليل الحصص المائية الواردة من تركيا الى العراق، وايضا غلق الجانب الايراني جداول المياه في اراضيه التي تصب في نهر دجلة، اضافة الى قلة الامطار في المواسم الاخيرة.
على صعيد متصل طالبت الجبهة التركمانية تركيا بزيادة حصة العراق من المياه والوقوف الى جانب اهالي البصرة، فيما اشارت الخارجية التركية انها ستدرس ذلك.
وقالت الجبهة في بيان تلقت «الصباح الجديد» نسخة منه ان «رئيس الجبهة النائب ارشد الصالحي ونائبه حسن توران التقيا في انقرة وزير الخارجية التركي جاويش اوغلو»، مبينة ان «الصالحي بحث مع اوغلو زيادة حصة المياه المقررة للعراق بغية ايصال كمية كبيرة الى محافظات جنوب العراق لاكتفاء الاهالي منها بعد ازمة المياه التي حدثت في البصرة».
وطالب الصالحي خلال البيان وقوف تركيا الى «جانب العراق ومساعدتها من جميع الجوانب وخصوصا بزيادة حصة العراق من المياه والوقوف الى جانب اهالي البصرة» ، فيما اكد اوغلو ان «تركيا كانت وما زالت تقف الى جانب الحكومة العراقية والشعب العراقي لمساعدتها للنهوض بالعراق وازدهاره»، موضحا ان «الطلب الذي قدمته الجبهة التركمانية سوف يتم تقديمها الى رئيس الجمهورية التركي رجب طيب اردوغان لزيادة حصة العراق من المياه وباقرب وقت».
يبدو ان أزمة المياه في فصل الصيف أصبحت جزءاً لا يتجزأ من حياة المواطنين العراقيين الذين يلجأ البعض منهم الى وضع حلول فردية تتراوح بين حفر الابار داخل منازلهم او شراء عدد من الخزانات، فيما حمّلوا الحكومات المتعاقبة مسؤولية عدم وضع خطط فعلية لتطوير شبكة المياه في العاصمة، بما يتناسب مع الزيادة السكانية.
الموارد المائية وامانة بغداد اللتان تُعدان مسؤولتين عن توفير المياه، اقتصر موقفهما على التحذير من ازمة شحة المياة والدعوة الى تقليل ترشيد استهلاك الاهالي للمياه في استعمالاتهم اليومية، فيما اكدت الامانة ان شبكات المياه في بغداد تحتاج إلى تحديث في أغلب المناطق، حيث إنها أصبحت قديمة ومتهالكة والموازنات المالية لأمانة بغداد لا تكفي لتحديثها، دون الاشارة الى وجود خطة مستقبلية لانهاء هذه المشكلة المزمنة.
وقد انخفضت مناسيب مياه نهر دجلة في مدينتي بغداد والموصل بشكل غير مسبوق، وذلك بعدما أعلنت الحكومة التركية بدء ملء سدّ «إليسو» الذي أنشئ على منبع النهر في الأراضي التركية، والذي انعكس مباشرة على النهر في الجانب العراقي وانخفاض منسوب مياهه تزامن ذلك مع إقدام السلطات الإيرانية على قطع مياه نهر «الزاب الصغير» عن محافظة السليمانية في إقليم كردستان العراق.
فالمؤشرات المائية العالمية وأبرزها مؤشر الإجهاد المائي، توقعت أن العراق سيكون أرضا بلا أنهار بحدود 2040 ولن يصل النهران إلى المصب النهائي في البحر. وبعد ثمانية أعوام ستكون ملامح الجفاف الشديد واضحة جدًا في عموم العراق، مع جفاف كُلي لنهر الفرات باتجاه الجنوب، وتحول دجلة إلى مجرد مجرى مائي صغير محدود الموارد.
فقد نشرت صحيفة التايمز البريطانية تقريرا عن كارثة جديدة تهدد أهوار العراق، فيما اشارت الى ان لدى العراق اعداء اكثر من الاصدقاء ، وقالت في تقرير للصحفي ريتشارد سبنسر الذي أعده من قضاء الجبايش بعنوان «لدى الأهوار في جنوبي العراق الكثير من الأصدقاء، لكن أعداءها أكثر، ويحقق الأعداء مكاسب»، انه «بعد مرور ثلاثة عقود على تدمير الأهوار على يد رئيس النظام السابق ، ثمة تهديدات تحدق بالمنطقة من جديد»، مبينا ان «الماشية تموت والمياه سُممت والأراضي الخصبة قد جفت» .
وقال سبنسر إن «مستوى المياه في الاهوار تراجع خلال الأشهر الستة الأخيرة من 1.8 متر فوق سطح البحر إلى نحو 46 سنتيمترا» ، كما ذكر الكاتب بأن «إيران قررت أيضا قطع الكثير من روافد نهر دجلة».
ونقل التقرير عن المدير المحلي لمنظمة طبيعة العراق الخيرية جاسم الأسدي، قوله إنه «على الرغم من أن موجات جفاف حدثت من قبل، لاسيما في عامي 2009 و2015، تعد موجة العام الحالي غير مسبوقة» ، وبحسب ما جاء في تقرير التايمز، فإن تركيا وإيران والحكومة «الفاسدة» والتغير المناخي هي جميعها عوامل تتحمل المسؤولية عن انهيار كارثي أدى إلى جفاف مساحات واسعة في الأهوار ، ويرى الأسدي أن «ثمة أسبابا عدة وراء ذلك، لعل أبرزها نقص مياه الأمطار خلال العام الحالي».