بقلم كولبيرت كينغ
ترجمة: حسين محسن
شبح اندرو جونسون، الرئيس السابع عشر للولايات المتحدة وأول رئيس يتعرض لسحب الثقة من قبل مجلس النواب الأميركي، يطارد البيت الأبيض. يمكن الكشف عن أصداء و تصرفات جونسون في سياسات الرئيس الخامس و الأربعين وسلوكه، بما في ذلك طيش دونالد ترامب،
و قراره غير المدروس بطرد مدير مكتب التحقيقات الفدرالي جيمس كومي. يذكر بإقالة جونسون لوزير الحرب آنذاك، إدوين ستانتون، في عام 1867. مما أدى لاحقاً إلى إقالة الرئيس جونسون من قبل مجلس النواب، ويبقى أن نرى إذ قادت إقالة ترامب لجيمس كومي إلى مصير مماثل.
و يمكن القول أن روح جونسون تتجلى في ترامب، في الأفكار، و الأقوال و الأفعال.
و قد وصف المؤرخ ايريك فونر الرئيس جونسون بأنه “رافض للنقد”، و “لم يكن على اتصال مع الواقع السياسي”. ناعتاً جونسون بـ”المهووس بذاته” ذكر فونر خطاب جونسون في عيد ميلاد واشنطن، الذي استغرق ساعة، و قام جونسون بذكر نفسه أكثر من 200 مرة. وقال: “هل يبدو كشخصاً نعرفه؟”.
ويمكن أن نقول كالتالي: إن المسارات المشينة و الملتوية التي يسلكها جونسون في تنفيذ الحقوق المدنية و تطبيق العدالة هي المسارات التي يتبعها ترامب بكل إيمان.
وقد سادت سياسات جونسون على مدى السنوات ال 150 الماضية، فمقاطعة كولومبيا لم يكون لها عمدات أو أعضاء مجلس من الأميركان من أصل أفريقي ، أو حتى أي من بين الناخبين في المدينة.
و في عام 1867، اعترض جونسون على التشريع الذي يمنح المواطنين الأميركيين الأفارقة الحق في التصويت في المقاطعة. وقد تم منحهم هذا الحق الثمين، لحسن الحظ، بعد ثلاثة أيام، ولكن فقط لأن الكونغرس أبطل الفيتو الذي استعمله جونسون. و قد أعرب جونسون عن مشاعره المعادية للسود بقوة بعد استعمله للفيتو
قائلاً “إن الزنوج لم يطلبوا امتياز التصويت، والغالبية العظمى منهم ليس لديهم فكرة عما يعنيه ذلك”.
قبل مائة وخمسين عاما، استعمل جونسون الفيتو ضد مشروع قانون لتجديد ميثاق مكتب “الرجال المحررين”، الذي أنشئ لتقديم المساعدة لجامعة هوارد والكليات والجامعات الأميركية الأفريقية الناشئة في الجنوب المتحرر. ووصف جونسون هذه المساعدة بأنها “سعي في جعل الجزء الجنوبي من منطقتنا ذو طابع أفريقي”.
تم التوقيع على ميثاق هوارد، الذي أدرجه الكونغرس في عام 1867، من قبل جونسون، ولكن فقط لأن الكونغرس أبطل الفيتو الذي استعمله جونسون، مجددا.
كنيسة سانت ماري في، أول جماعة أسقفية أميركية أفريقية في المدينة، لديها أيضا تجربة مع جونسون كادت أن تنهي وجودها.
الكنيسة التي تقع في الشمال الغربي، لديها ستانتون المذكور أعلاه لتشكره على مبناها الأصلي. فبعد سماعه عن الجماعة التي شكلت حديثا و بحثها عن مكان للعبادة، قام ستانتون بتوفير مواد الكنيسة التي اصبحت أول بناية خاصة بالمسيح من أصل أفريقي في المدينة.
و مثل جامعة هوارد، كان سانت ماري قد تجنبن رصاصة من جونسون. وقد بدأت الكنيسة بأول خدمة لها في 9 يونيو/حزيران 1867. وبعد شهرين فقط، في أغسطس/اب ، قام جونسون بإقالة ستانتون.
لكن جونسون كان آفة على الولايات المتحدة تتعدى كثيراً مقاطعة كولومبيا.
و بسبب رفضه و تهجمه على إعطاء حقوق و مميزات كاملة للأميركان الأفارقة المحررين، قام جونسون باستعمال الفيتو ضد الكثير من قوانين الحقوق المدنية، و أغلب استخداماته للفيتو تم إبطالها من قبل الكونغرس.
جونسون كان يقوض التدابير الإيجابية لإعادة الإعمار. و قد أعطى الدول الكونفدرالية السابقة حرية إدارة شؤونها، مما سمح لها بسن قوانين مثل فرض شروط على العبيد السابقين.
و الآن ترامب الذي يشبه جونسون بكونه فظ، همجي، متنمر و غير حساس من الناحية العنصرية ،
لا يفوته عندما يتعلق الأمر بتراخي تنفيذ الحقوق المدنية وتجاهل المظالم العرقية والدينية.
تحت حكم ترامب، سيتم السماح للدول الأخرى بالتدخل لحماية حقوق الأقليات. إدارة ترامب سوف تزيح النظر.
و في ظل حكمه، يتم حل وحدة وزارة العمل التي ترصد التمييز من قبل المقاولين الاتحاديين، ومكتب إدارة التعليم الذي يحقق في الشكاوى التمييزية في المؤسسات التعليمية يتم التهامه، وإدارات الشرطة التي تقوم باضطهاد السود يتم تجاهلها من قبل وزارة العدل، و ممكن أن تعطي وكالة حماية البيئة الضوء الأخضر لملوثي البيئة أن يلوثوا بيئة الأقليات.
التمييز هو الحصول على معاملة العين العمياء نفسها التي تلقتها الأقليات خلال فترة ما بعد الحرب الأهلية في الجنوب. و أعمال العنف التي تحصل الآن بدوافع عنصرية ودينية تذكرنا بالأيام التي كان فيها البيت البيض محكوم من قبل جونسون.