أهالي مدينة التنوع العرقي يوطدون علاقاتهم بالزواج ومسؤولون محليون يحذرون من الفتنة ويؤكدون: كركوك مثال للتعايش السلمي

كركوك ـ عبدالله العامـري:

يتفق العديد من مواطني محافظة كركوك على ان الخلافات بين المكونات السياسية في المحافظة لم تنعكس على اهالي المدينة وعلاقاتهم الاجتماعية ومنها الزواج بين بعضهم، فكركوك التي يقطن فيها كرد وعرب وتركمان ومسيحيين عانت في السنوات السابقة من الصراع السياسي باعتبارها من المناطق المتنازع عليها بين بغداد واربيل.
هيرش كريم كان من الذين يرفضون ان يتزوجوا من غير قوميتهم لكنه اليوم تزوج من فتاة عربية بعد قصة حب جامعية استمرت لثلاث لسنوات، كما يقول.
وواوضح كريم الى «الصباح الجديد» بالقول «كنت افكر ان الكردي يجب ان يأخذ (يتزوج) كردية وكذلك العربي من نفس قوميته والتركماني كذلك كما هو الحال بالنسبة للمسيحيين، لكني بعد ان وقعت في حب فتاة من قومية أخرى ايقنت ان الحب اقوى من الدافع القومي الضيق».
وأضاف انه «تزوج قبل شهر من فتاة عربية وبفضل ذلك توسعت دائرة معارفنا كثيرا واصبح لدينا اقارب جدد من قومية اخرى وهذا هو سر الحب».
وبسبب التجربة الجديدة في السياسة بكركوك بعد عام 2003 انعكست الخلافات على الشارع فشهدت المدينة اشتباكات محدودة جدا تارة بين العرب والكرد واخرى بين التركمان لكن تدخل العقلاء اسهم في اخماد تلك الفتنة النائمة كما يقول والد هيرش.
واضاف كريم وهو معروف بأبو هيرش 51 عاما الى «الصباح الجديد» انه «متزوج من امرأة كردية لكنها من سكنة بغداد والاختلاط جعلنا عائلة نفهم الاخرين، ابني كان يشدد على الزواج من نفس القومية ويعتبر ذلك مصدر قوة لها، لكن بعد ان تعرف بتلك الفتاة اختلف الأمر فجأة لديه».
واضاف ساخرا «لو ان ام هيرش وافقت على زواجي من امرأة ثانية فاني بلاشك ساتزوج من تركمانية لنكون مدينة مصغرة في البيت، وهذا هو مصدر القوة وليس على وفق المنظور الضيق».
نشأت نجم الدين آغا شاب من القومية التركمانية كان يفكر مثل هيرش لكن عندما احب فتاة كردية قلبت الموازين لديه واصبح اكثر انفتاحا على القوميات.
وقال آغا الى «الصباح الجديد» « كنّا في السابق نعتقد ان للقومية الاولوية في حياتنا ولكن اعتقادنا هذا سرعان ما تهاوى امام الحب، فهو الذي يقرر في النهاية، وهو الذي يكسر هذه الحواجز» واضاف متسائلاً « من كان يتصور ان نشأت المتعصب سيتزوج من غير قوميته؟».
وتابع «على الرغم من معارضة والدتي للأمر بشدة الا انني كنت مصّراً على ذلك، لانني كنت احبها بدون ان انظر الى القومية، واقتنعت ان التشدد هو الكره بحد ذاته»، مبينا ان «التزواج فيما بين المكونات بخير طالما هناك حب حقيقي وطالما ابتعد السياسيون عنا».
الطالب الجامعي جواد يتخوف من ان «تؤثر الخلافات السياسية مستقبلا على الوضع في كركوك فينعكس على مكوناتها فيحرم من الفتاة التي يحبها لان كل مشكلة سياسية تؤثر في الشارع».
وقال «اتمنى لو كنت قد تعرفت على الفتاة التي احبها منذ زمن بعيد، لأختلف الامر واخشى ان احرم من الزواج بها بعد أي اضطراب او أي تفجيرات او أي حالة طائفية قد تحدث بسبب السياسيين».
وجواد شاب عشريني من القومية العربية يحب فتاة كردية في نفس مرحلته في كلية التربية بجامعة كركوك وهو في المرحلة الاولى، وقال «انا لا أهتم للقومية طالما انني مؤمن ومقتنع من ان هذه الفتاة ستكون زوجتي اذا ما حظيت بالقسمة التي كتبها لنا الله».
وحذر قائد شرطة كركوك اللواء جمال طاهر في سياق تصريحه الى «الصباح الجديد» مواطني كركوك من الوقوع في فتنة، مبينا أن «الإرهاب يريد أن يجعل في كركوك فتنة بين قومياتها ولذلك تجد الجماعات المسلحة تستهدف قومية دون أخرى».
من جانبه قال عضو مجلس محافظة كركوك نجاة حسين الى «الصباح الجديد» إن «كركوك تمثل جزءا من العراق، فنحن نؤثر على ما يجري في العراق ونتأثر بما يجري في بغداد بشكل عام، كل التغييرات والتحولات والاحداث سواء كانت ايجابية أو سلبية فكلنا سنتأثر بها».
وأكد حسين أن «التزاوج بين المكونات في كركوك دليل على إن سكان المدينة هم مثال للتعايش السلمي العراقي».
وبخلاف العاصمة العراقية بغداد لم تشهد محافظة كركوك اي حالات طلاق بين المكونات المتعايشة الا ما ندر وحتى في سنوات العنف الطائفي الذي اجتاح بغداد في سنتي 2007 و2006.
وتعد كركوك من المناطق غير المستقرة أمنيا وتشهد بين آونة واخرى استهدافات بسيارات مفخخة وعبوات ناسفة ضد مراكز الشرطة وبعض المنشآت المدنية.
ويخشى الكثير من الشباب والشابات ان تكون التجاذبات السياسية مستقبلا مقدمة لعودة التوتر وبالتالي حرمانهم من بعضهم البعض.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة