العراق يعرض على الصين والهند مشروع «النفط مقابل الإعمار»

المشاريع الكبيرة خارج يد الوزارات والمحافظات لتسهيل عمليات الاستثمار

الصباح الجديد ـ وكالات:

فعلّت بغداد وبكين، خلال زيارة وفد كبير يترأسه رئيس الحكومة عادل عبد المهدي للصين، برنامج النفط مقابل الإعمار والاستثمار، الذي يتضمن قيام الشركات الصينية بالعمل داخل العراق مقابل الحصول على مائة ألف برميل يومياً، في حين أن العراق يحتاج إلى 88 مليار دولار لتطوير بناه التحتية المتهالكة.
وقال عادل عبد المهدي، في مقابلة مع عدد من وسائل الإعلام بثها مكتبه، إن «الصين تستورد 20 في المئة من إنتاج النفط العراقي يومياً، واتفقنا معها على إنشاء صندوق استثماري مشترك بين البلدين يمول بأموال النفط”.
وكشف عن وضع العراق شرطاً يتمثل بمنع احتكار الصين لتنفيذ المشاريع داخل العراق، وإنما القيام بتحالفات مع شركات عالمية.
وكتب سلام زيدان الصحافي العراقي المختص في مجال الاقتصاد في مقال تابعته «الصباح الجديد»، ان هذا الاتفاق لم يكن جديداً، إذ أبرم العراق والصين في عام 2015 في حكومة حيدر العبادي، إذ كان عبد المهدي وزيراً للنفط فيها، اتفاق “حزام الحرير”، الذي اعتمد مبدأ النفط مقابل الإعمار والبناء والاستثمار والتنمية، وأحيل في وقتها 100 مشروع إلى الصين، لكن توقف بسبب التوترات السياسية والأمنية التي حصلت في حينها وأدت إلى تغيير بعض الوزراء، الأمر الذي جعل الحكومة الحالية تعيد طرحه من جديد على أكبر المستوردين من نفطها، وهما: الصين والهند.
ويبلغ حجم الاستثمارات الصينية في العراق 20 مليار دولار، وتتركز الاستثمارات في قطاع الطاقة عبر تشكيل تحالف من الشركات العالمية أو بشكل منفرد لتطوير بعض محطات الكهرباء. كما يبلغ التبادل التجاري السنوي بين البلدين 21 مليار دولار يميل إلى العراق، إذ يبلغ إجمالي صادراته 15 مليار دولار من النفط.
وبدأت بغداد تدير ظهرها للشركات الأميركية بعد اتفاقها في مجال الكهرباء مع شركة “سيمنس” الألمانية بقيمة 15 مليار دولار لتأهيل البنى التحتية، تاركة شركة “جنرال إلكتريك” التي تعمل في العراق منذ وقت طويل جداً، فضلاً عن عدم التوصل إلى اتفاق مع “إكسون موبيل” لتنفيذ مشروع الجنوب المتكامل الذي تبلغ قيمته 53 مليار دولار.
وبدأ العراق الشروع بإقرار قانون مجلس الإعمار، الذي سيترأسه رئيس الحكومة وسيشرف على المشاريع الكبيرة التي تبلغ قيمتها أكثر من 210 مليون دولار، الأمر الذي يعني إبعاد الوزارات والمحافظات عن تنفيذ هذه المشاريع لتقليل الفساد والروتين، وتسهيل عمل الشركات الصينية.
وقال وزير الكهرباء لؤي الخطيب في صفحته على “فيسبوك”: “إن الصين خيارنا الأساسي كشريك ستراتيجي على المدى البعيد. لقد بدأنا الإطار المالي بمبلغ 10 مليارات دولار، مقابل كمية محدودة من النفط، لتمويل مجموعة من مشاريع البنى التحتية”.
ولفت إلى أن “حجم التمويل الصيني مرشح للصعود بتنامي الإنتاج النفطي العراقي ليوظف بطريقة مغايرة لسياسة الماضي من خلال البناء والاستثمار وتفعيل مجلس الإعمار”.
وشرع العراق الخطوات الأولى لتنفيذ هذه الاتفاقية عبر فتح الحسابات المصرفية. وسيبدأ خلال الأيام القليلة المقبلة وفد صيني بزيارة العراق والاطلاع على المشاريع الستراتيجية والاتفاق على تنفيذها مثل القطار المعلق في بغداد ومطار الناصرية الدولي وغيرهما.
وقال مستشار رئيس مجلس الوزراء عبد الحسين هنين، الذي كان عضواً في الوفد العراقي، إن «الاتفاق العراقي الصيني يمتد إلى ٢٠ عاماً، ترسل بغداد من خلاله إلى الصين 3 ملايين برميل شهرياً وبالسعر العالمي، والتي تقدر قيمتها المالية حالياً بـ180 مليون دولار”. وأضاف إن «العراق يبيع نفطه حالياً، ويحصل على أمواله بعد مرور شهر أو شهرين، ويقضي هذا الاتفاق بأن تكون الأموال التي ستأتي عبارة عن مشاريع تقوم بتنفيذها الشركات الصينية داخل البلد”. وتابع إن «المشاريع حددت وفقاً لـ3 أولويات، الأولى إنشاء الطرق السريعة والداخلية وتحديثها وتأسيس بنى تحتية وما تحتاج إليه من مجار، الثانية بناء المدارس والمستشفيات والمدن السكنية والصناعية. أما الثالثة فإنشاء سكك الحديد والموانئ والمطارات وغيرها”. وقعت الحكومة العراقية الاتفاقيات مع الصين من دون علم البرلمان، الأمر الذي جعل الأخير يشرع في استضافة المسؤولين للاطلاع على إيجابيات الاتفاقيات وأضرارها. وقال النائب هيبت الحلبوسي، الذي يترأس لجنة الطاقة النيابية إن «البرلمان ولجنة الطاقة لا يعلمان بأي شيء عن الاتفاقيات مع الصين، وسنفعل دورنا الرقابي في استضافة المسؤولين خلال الأيام المقبلة للاطلاع على طبيعة الاتفاقيات”.
وأشار إلى أن “البرلمان سيتخذ موقفاً قوياً، فإذا كانت هذه الاتفاقيات تخدم العراق سيمررها، والعكس صحيح”، منتقداً تجاهل الحكومة للبرلمان في توقيع اتفاقيات بهذا الحجم الكبير مع الصين. مشكلة جديدة قد تظهر أمام الحكومة العراقية تتمثل باعتراض المحافظات النفطية على تنفيذ مشاريع في المحافظات غير النفطية. وبالتالي، ستؤدي إلى توترات داخلية، وتعطل تنفيذ المشاريع، مثلما حصل مع مشروع البترودولار الذي يمنح المحافظات المنتجة للنفط حصة 5 دولارات عن كل برميل تنتجه.
من جهته، قال الخبير النفطي صباح علو إن «العراق توجه إلى الصين بضغط من إيران، وهذا الأمر هو محاولة لإحراج الولايات المتحدة الأميركية التي تشهد حالياً صراعاً تجارياً مع الصين. وبالتالي، قد تتخلى عنا الصين إذا تحسنت علاقاتها مع أميركا». ولفت إلى أن استثمار النفط في تطوير البنى التحتية خطوة جيدة، بدلاً من أخذ القروض من دول أجنبية أو منح الشركات الأجنبية نسبة من إيرادات المشاريع، مشيراً إلى أن العراق سيكون ملتزماً باتفاق أوبك، ولن يؤثر على الأسعار بزيادة إنتاجه.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة