دخل العالم منذ أسبوع في دوامة سياسية– عسكرية خطيرة إثر الهجوم على مصافي النفط في المملكة العربية السعودية في البقيق وخريص. وهي مصاف تحتضن قسطا أساسياَ من الإنتاج السعودي من منتوجات الطاقة. ومن الواضح ان الضربة العسكرية بطائرات مسيّرة من دون طيار، كما تدعي مؤسسات الحوثيين، كانت دقيقة وقاتلة إذ اتهمت مصادر المملكة ومصادر أميركية متعددة إيران بأنها وراء الضربة.
وأدخلت النتائج الميدانية لضرب 19 هدفا في المجمعين الكبيرين. العالم ولا سيما سوق الطاقة في طريق اضطراب من أهم آثارها زيادة سريعة في أسعار النفط أوصلها الى عتبة السبعين دولاراَ وربما أكثر إذا صحت التوقعات بأن شركة ” أرامكو” المالكة للمصفيين لن تتمكن من إصلاح الخلل قبل بضعة إسابيع مما يسمح بصعود أسعار النفط أكثر مما كان مقدراَ، بل أن بعض التكهنات وصلت بها الى مايقارب المئة دولار للبرميل.
ولكن النتائج السياسية المنتظرة قد تنطوي على تصعيد آخر لا مفر منه من قبل السلطات السعودية والأميركية إذا ما ثبت ادعاؤها بأن ايران، وليس الحوثيين، هما مصدر الضربة الصاروخية. وبهذا المجال ينتظر العالم بلهفة ما سيخرج به وزير الخارجية بومبيو من زيارته للمملكة، فضلا عن نتائج زيارة وفد عسكري أميركي متخصص للمنطقة للتحقق من مصدر العتاد المستعمل في تلك الهجمات. وإذا ما ثبت للأميركيين والسعوديين مسؤولية طهران عن الهجوم فإن العالم سيدخل في مرحلة أعمق من تلك الدوامة.
وكان الرئيس ترامب قد عبّر عن مواقف متناقضة ومتضاربة بعد الحادث أشار فيها الى رغبة في تجنب الحرب ضد ايران. ولكن الموقف الأميركي المتردد من اندفاع نحو مواجهة مع ايران قد ترافق مع تصريحات للرئيس الأميركي بأن الولايات المتحدة ليست معنية بالدفاع عن أمن السعودية.
ويدلل كل هذا الموقف على مدى الارتباك المتوقع في الموقف الأميركي حال أثبتت استخلاصات الخبراء، واقتنع بها وزير الخارجية الأميركي، مسؤولية ايران عن الهجوم وسيعكس هذا الوضع نفسه على بلدنا العراق الذي يقع بين فكي كماشة وسط المواجهة الدائرة بين طهران وواشنطن ولعلنا لا نبالغ عند القول إن العراق ليس له طاقة تحمل التصعيد العسكري الناجم عن ضربات «أرامكو» كما أنه سيكون مضطراَ للدخول في مأزق عسكري وسياسي مع واشنطن وطهران في وقت واحد.
وباختصار يمكننا القول، وبمعزل عن النتائج المباشرة للتحقيق في هذا الحادث الخطير، إن المنطقة ستدخل في نفق خطير ينطوي على معارك متنوعة ومتمادية ليس لنا فيها لا ناقة ولا جمل ولهذا فإن الزيارة المرتقبة لرئيس الحكومة عادل عبد المهدي الى الولايات المتحدة قد تكون الفرصة الذهبية لتبريد الملف عموما ولتجنب العراق العواقب المحتملة من الانفجارات والمواجهة ثانياً، والتي ستكون أولا وأخيرا على حسابه.
اسماعيل زاير