أحلام يوسف
كل واحد منا مر بظروف ومواقف عدة خلال حياته، بعضها سعيد وبعضها الاخر محزن، لكن هناك احداثا مؤلمة بغض النظر عن عمقها او بساطتها، لكنها مؤلمة لصاحبها، ويتمنى ان يكون باستطاعته محوها من حياته، كي لا تمر ذكراها عليه.
لو كنا نملك ممحاه سحرية نستطيع بها محو كل ذكرياتنا الحزينة والمؤلمة، وغيرها من الاحداث التي نود نسيانها، ماهو الحدث الاكثر ايلاما او حزنا نتمنى نسيانه ومحوه من ذاكرتنا؟
المهندي مهند الياسري يقول: بودي امحو من ذاكرتي حادث تفجير إرهابي حصل امام عيني وشهدت احتراق عدد كبير من السيارات وموت العشرات، برغم مرور سنوات على الحادث هذا لكن الكوابيس ما زالت تطاردني بين الحين والحين الاخر، فكرت في أحد الأيام ان اذهب الى منطقة الحادث بعد ان عادت اليها الحياة، بغاية نسيان الحدث لكن لم يجد ذلك نفعا.
التفجيرات الإرهابية التي حصلت في العراق، لم ينج من قساوتها أحد، فحتى من لم يشهدها بأم عينه اضطر مجبرا على مشاهدة الصور والفيديوهات التي تناقلتها وسائل الاعلام ومواقع التواصل، فهل يمكن محوها يوما ما؟
هشام النقاش الباحث بعلم النفس يقول: بعض الاحداث لا يمكن محوها من الذاكرة خاصة ما يتعلق بالموت، لكن يمكن تجاوز الحدث فالنسيان خدعة، لا أحد ينسى مثل تلك الاحداث الا من يصاب بالزهايمر، لكن هناك من استطاع تجاوزها بعدة طرق، بالإيمان بالله وقدره وحكمته، بعقلنة الحدث او الموقف، وطرق أخرى يمكن من خلالها التخفيف من وطأة الحزن او الألم بشأن تلك الذكرى.
عليه السراي موظفة متقاعدة ودت لو انها تملك مثل تلك الممحاة كي تمحو من ذاكرتها موت والدتها الذي حصل امامها، وتقول: كان يوما اشبه بالكابوس، ما زلت وبعد مرور حوالي 23 عاما على وفاتها احلم بها تحادثني ومن ثم تتلاشى بطريقة مرعبة، استفيق بعدها حزينة متكاسلة لا اقوى حتى على النهوض من الفراش. أتمنى ان امحو تلك الذكرى الأليمة، ولا أدري كيف، فهي حاضرة بكل تفاصيل حياتي.
قد تكون حالة السراي تشبه الى حد كبير ما مر به الياسري وبالتالي فكلام النقاش ينطبق على حالتها، تجاوز الحالة يتعلق بعمق الايمان، والتعامل مع الحدث بمنطق أكبر.
النسيان خدعة، انا مؤمنة بهذا، ومؤمنة أيضا بان تجاوز أي حدث مهما يكن عمقه ووقعه علينا جائز وممكن وليس ضربا من ضروب المستحيل كما يظن البعض، لكن الامر يحتاج منا الركون الى العقل أكثر من العاطفة، وان نروض انفعالاتنا ولا ننساق خلفها.
النسيان.. حقيقة ام خدعة
التعليقات مغلقة