في 27/3/2011 كتبت افتتاحية بالعنوان اعلاه وبالنص ادناه ارى مفيداً اعادة نشرها:
«شهد العراق تطوراً خطيراً، وهو انحراف مفهوم الحزب وتحوله من اداة سياسية هي جزء من طريقة عمل النظام السياسي الى اداة تسعى لاحتلال الدولة والمجتمع على حد سواء.. الحزب ضرورة في اي نظام سياسي ديمقراطي.. وهو ضرورة في العمل السري والمعارض حتى في ظل الانظمة الشمولية.. من هنا اكتسبت احزابنا السياسية سمعة طيبة من خلال مقاومتها لسيطرة الحزب الواحد. فناصرها مواطنونا في حربها لتحريرهم من هيمنة «البعث»، عندما اغلقت كل المنافذ وبقي الحزب متفرداً وحيداً للتوظف والتقدم والحصول على المصالح والحقوق في الدولة والمجتمع. كان المتوقع ان يتغير الحال بعد التغيير.. لكننا –للاسف- نكرر اخطاء الماضي. فبدل هيمنة الحزب الواحد بدأت تتطور هيمنة احزاب عدة.. وصرنا نتعامل مع الدولة والمجتمع، وكأنها ملك للحزبيين وحكراً عليهم.. فاصبح الحزب والانتماء اليه وكأنه الوظيفة او التقادم الذي يرتب بالضرورة حقوقاً وامتيازات. صارت هوية الحزب وتزكيته هي المداخل الطبيعية شبه الوحيدة لتغلق المنافذ امام المواطنين الذين لا هوية او تزكيات لهم.. وهو ما رتب امرين خطيرين.. حالة التملق والانتماء الوهمي من جهة.. والتضاد بل النفرة من جهة اخرى. فالكثير من الحزبيين الحقيقيين او المتملقين يتمددون على مواقع هي اساساً لمواطنين اخرين، ولا حق للاولين فيها الا بعنوان مواطنتهم، وليس باي عنوان اخر.
هذه الرؤية التي تعطي المواطنة الاولوية، هي نفسها التي يجب ان تتحرك لانصاف الحزبيين وعوائلهم ومناصريهم.. وكل معارض او مواطن قادته ظروف المقارعة الطويلة للظلم الى خسائر في الارواح او الحقوق او الفرص. فالامم تطبق عادة في مثل هذه الظروف اجراءات استثنائية مثل قوانين «التمييز الايجابي» و «الدمج» و»التوازن» و»التعويض»، و «الاعفاء»، وغيرها.. لكن تشريع وتطبيق مثل هذه القوانين -التي هي حق لا عدل بدونه- شيء، واعتبار ان الدولة او المجتمع باتا ملكاً للحزب هو شيء اخر.. فالاحزاب كما قلنا ضرورة في كل نظام.. لكنها ضرورة في مكانها الذي يجب ان لا يتجاوز حدوده، فيعتدي على حقوق المواطنة والمجتمع.. المواطن هو الاولوية، وهو صاحب الحق في مواقع الدولة والمجتمع، حسب شروط واجراءات تحددها قواعد الخدمة العامة والتشريعات والتنظيمات السارية بعد منح الجميع، بعناوين حزبية او بدونها، فرصاً متساوية بدون تمييز او محاباة.»
د. عادل عبد المهدي
المواطن والحزبي.. تكامل أم تضاد؟
التعليقات مغلقة