سنة للتدوين.. تتبع تحولات القِدَم

اسماعيل ابراهيم عبد

(سنة وتتبع) المجموعة الشعرية الثالثة للشاعر عبد العزيز الحيدر ـ 916 صفحة من القطع الكبير , تهيمن عليها ثلاثة بيئات فكرية (الزمن والطفولة وخراب الضمير الحضاري) وما يتبع ذلك من ملحقات التحولات والفطرة والقسوة البشرية , فضلاً عن التوزع الزمني بين العصور , والتوغل الطفولي بين اللهو والأسى , وتشظي الخراب الى مسخ الهويات والتخلي عن الذكريات وتخطي جمال الصداقة والوئام المسالم والسلام الآمن .
وعلى الرغم مما يمكن ان يشكل الروحية العدمية , فالقصائد تبقى محتمية ومنتخية لما وضعناه عنواناً لهذا الفصل , أي انها قصائد تنضح بالبلل السماوي وفتنة النشأة لفطرة الأشياء كلها قبل وبعد تناسلها كعناصر للخلود الكوني.
ان (سنة وتتبع) مدونة شعرية تابعت تحولات الضمير الانساني يومياً , على مدار سنة , ملتقطة احداث هذا العام من 1/6/2015 إلى 31/5/2016 .
اما لماذا هذا الاختيار لنصف من السنة 2015 ونصف من السنة 2016 فمرده ـ بحسب تخميننا ـ الى :
1 ـ ان البلاد والناس والسياسات محلياً وعالمياً بلغت أوج قسوتها ورعونتها وهمجيتها . 2 ـ قضية الموصل والعراق التي بلغت من التعقيد ذروة غاية في الايلام والإشكال . 3 ـ الوضع الاجتماعي والسياسي الذي بلغ أعلى حالات الاستخفاف والظلم والتحكم بمصائر البلد اقتصادياً وسياسياً.
4 ـ التسفيه والتهميش الثقافي والاثني الذي تبنته المؤسسات العالمية والمحلية بما يعيق التآخي على المستويات كلها , حتى المناطقية منها .
5 ـ يحتمل ان الشاعر قد فكر بكتابة مذكراته على وفق اليوميات السردية فوجد ذلك تقليدياً فاختار وسيلة الشعر لتنفيذها .
6 ـ هذه الفترة بين العامين خطت مؤسسات الحكومة خطوات واسعة في تهديم البنى الثقافية للبلاد ولجميع المحافظات .
7 ـ في هذه الآونة بدأ الامتعاض والرفض للهيمنة التسلطية مدى يمكنه ان يؤسس لوعي قادم مهم , أراد الشاعر ان يسهم بتأشير تأثير واذى واغلاط واجرام وتخلف وطبيعة سلوك قوى الانحراف الظالمة الكاتمة لأصوات الحق.

  • ومن الجانب النقدي نرى ان المجموعة تغور كثيراً كثيراً بالسرد المحقق للجذب القرائي , وتتمه بالمحتوى الثقافي المساند للبيئة الفكرية التي تبناها الشاعر . سنؤشر بعض مكنونات الشاعر بشكلها الكتابي عبر قصيدة (سلالم).
    السلالم العتيقة الحجر الذي شهد الشجرة وهي تنمو الاغصان التي كانت تتمايل وهي تهدهد للصغار في اعشاشها تآكلت حواف السنين … استطالت الضفيرة الأغاني لم تعد صالحة لمواعيد القبل بالكاد نغمس فرحنا في النبع العلوي هو الحجر أيضاً لم يعد يصلح لأقدامنا اقدامنا التي كبرت صارت تعرف طريق المدينة.
    يمكننا تحليل القصيدة كونها فكرة واحدة بغطاء عنوان هو (سلالم القِدَم) , وسبب ذلك ان القصيدة تنحو الى ان تعمق دلالتي القِدَم والتدرج.
    القصيدة تحتوي التدرج المتحول الدلالة , المنتظم مظهرياً وباطنياً , إذ ان :
    ـ التَدَرِّج والقِدَم يأخذان بدلالتي الصعود المتسق والنزول المرتبط بخيط من التنظيم.
    ـ السلالم مرحلة من مراحل التقدم نحو القِدَم .
    ـ السلالم تتحول تدريجياً الى حجر يحجز نمو الشجرة .
    ـ الحجر والشجرة والأغصان والصغار والأعشاب يتراجعون باتجاه القِدَم أيضاً.
    ـ التراجع شمل : (تطاول الضفيرة وخراب القُبَل والفرح).
    ـ الفرح تراجع ليكون نبع قِدَمٍ في أعالي السلالم ـ السلالم السماوية ربما ـ والحجر (صلابة المصائر) المقيم عندها .
    ـ الحجر القديم للسلم القديم نفسه صار خشناً مُتْعِباً للأَقدام التي عرفت الطريق الى المدينة , الأقدام التي حظيت بالمدينة فقدت البراءة والضمير الصافي الأصيل .
    ـ أواخر السلالم حطت عند كِبَر الأقدام وومض الزمن لمدينة ستضحي بحجر الجمال واساس الثبوت ورهان الضفائر للفقدان , والأشجار للتلاشي , والسلالم للتنازل عن وظيفة التوصيل والاتصال بين القيعان والسطوح .
    المصادر
  • عبد العزيز الحيدر , سنة وتتبع , مجموعة شعرية , دار كتابات جديدة الالكترونية , 2016
    (1)عبد العزيز الحيدر , سنة وتتبع , مجموعة شعرية , دار كتابات جديدة الالكترونية , 2016

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة