امام السيد حيدر العبادي فرصة حقيقية وزنها ذهب ، لاعادة ترتيب البيت العراقي ومحاربة الارهاب في البلاد ، فللمرة الاولى تجتمع الارادة الدولية بنحو 40 دولة ، لدعم العراق ومساعدته على الخروج من محنته مع الارهاب وازمته السياسية، وهناك اجماع داخلي على هذه المعركة ، كما ان الدول العربية الخليجية غيّرت بوصلتها السياسية تجاه العراق ، وتحديدا السعودية التي بدا موقفها جادا وحقيقيا في تطبيع العلاقات مع العراق واعلان رغبتها في اعادة فتح سفارتها في بغداد ، وهذا مؤشر حقيقي على التحولات الجديدة في السياسة السعودية المدعومة اميركيا ، وهو التغيير الذي سيدفع بدول خليجية اخرى الى السير في الاتجاه ذاته، بل وحتى تركيا ..
يحتاج هذا الحشد الاقليمي والدولي لمساعدة العراق ، الى خطوات سياسية واقتصادية داخلية واضحة وملموسة وتطبيقية ، لتحريك اجواء المصالحة الوطنية الحقيقية والتعامل مع مطالب كيانات اجتماعية وسياسية ، بجدّية وتجنب الوقوع في اخطاء المرحلة الماضية التي كانت تنظر الى مشكلات البلاد من زاوية ضيقة ، وبعقلية سياسية تحاول ان تحشر المشكلات الكبيرة والحقيقية في عنق الزجاجة ، ما تسبب في المزيد من الشحن والتوتر والتصعيد ، وهي الحالة التي كانت الارضية المثالية لتمدد قوى الارهاب في مناطق كانت تحلم ان تصل اليها ..
وعلى حكومة العبادي ان تميّز بشفافية عالية بين الارهاب وبين المنخرطين في احتجاجات جماهيرية وصلت الى حد حمل السلاح وتشكيل منظومات لتوجيهه ، استغلته قوى الارهاب لخلط الاوراق وتصعيد مستويات المواجهة تحت واجهات شعبية ، اختلط على بعضها التفريق بين نمطين من السلاح والقوى التي تواجه الحكومة والقوات الامنية ..
الفرص لاتتكرر بمثل ها الوضوح والقوة والتأثير ، ومن الاحترافية السياسية ، التعامل مع هذه الوقائع على الارض بالمزيد من القوى الدافعة لهذه التوجهات بما يخدم الاهداف الوطنية العراقية في مكافحة الارهاب واجتثاثه والسير بخطوات عملية باتجاه انجاز مصالحة حقيقية قائمة على تطمين كل المكونات الى حقوقها ، والقرارات الاخيرة لمجلس الوزراء الاخيرة بشأن الحرس الوطني والتعويضات بادرة مشجعة تحتاج الى مزيد من الدفع اولا والى خطوات عملية نحو التطبيق ..
واعتقد ان الدعوة الى مؤتمر وطني عام وشامل ترعاه الحكومة والبرلمان و الامم المتحدة والدول الصديقة التي تحارب الارهاب الداعشي وغيره معنا وتتمثل فيه قوى المجتمع المدني والشخصيات العراقية المهمة والمؤثرة البعيدة عن العملية السياسية، مؤتمر يعتمد البرنامج الحكومي كورقة عمل مع تطويرها الى افق اوسع، واستمزاجها مع افكار اخرى توسع القاعدة الاجتماعية للبرامج ، وتنبثق عن المؤتمر وثيقة وطنية شاملة وملزمة وضامنة من كل الاطراف ، وصالحة للتنفيذ على وفق توقيتات زمنية يتعهد الجميع الالتزام بها ..
مثل هكذا مؤتمر من شأنه ان يذيب الثلج عن العلاقات المتشنجة بين القوى المكونة للعملية السياسية وبين القوى الوطنية الحقيقية الاخرى التي مازالت بعيدة عن اجواء العملية السياسية التي شابها الكثير، والكثير جدا من الارتباك والمشكلات التي كادت ان تعصف بها وتعلن موتها ..
عامر القيسي
فرصة من ذهب..
التعليقات مغلقة