قوة أوبك تنحدر وفي طريقها الى الانهيار

على الرغم من هيمنتها على سوق النفط

ترجمة ـ سناء علي:

صفقات ما زالت تلوح في الافق داخل أروقة منظمة أوبك المصدرة للنفط وما بين روسيا, فيما يخص العمل والسعي لأعادة ارتفاع اسعار النفط في العالم والتي تدهورت بنسبة٣٠ بالمئة في الأسابيع الأخيرة، وهو ما يشير إلى استمرار دور أوبك في استقرار أسواق النفط العالمية والتأثير فيها، ولكن هل سيستمرّ ذلك لفترة طويلة؟.
«أوبك» تلك المنظمة التي تأسست في عام 1960، تضم عدة دول منتجة للنفط والتي تتكفل بحماية مصالح الدول الاعضاء فيها, والتي تعد بحد ذاتها ثورة كبيرة على كبار شركات النفط العملاقة التي تتجاهل مصالح الدول المُنتجة وتتحكم بمفردها في أسعار النفط.
اليوم، مع خروج قطر، باتت المنظّمة تضمّ ١٤ عضواً من بينهم السعودية وإيران والعراق وفنزويلا، وهم أيضاً أعضاء مؤسسون فيها. في عام 2017، أنتج أعضاء أوبك نحو ٤٢ بالمئة من مجمل إمدادات النفط العالمية – وهو ما يشكّل أكثر من 39 مليون برميل نفط في اليوم – وقد أسهمت السعودية، وحدها، بنحو ثلث إنتاج أوبك. أمّا من ناحية احتياطات النفط، يستحوذ أعضاء أوبك على ٧٠ في المئة من مجمل احتياطي النفط العالمي المثبت.
وما زالت الكثير من الدول في الاونة الاخيرة تلوح بالانسحاب على غرار قطر من أوبك بالرغم من ان خروج قطر لا يؤثّر على الكثير من طاقة إنتاج النفط في أوبك، خصوصاً أن مساهمة الإمارة في القدرة الإنتاجية للمنظّمة لا تزيد على ٢ بالمئة، إلا أنها تطرح أسئلة جدّية بشأن مستقبل المنظّمة والدور المتوقّع أن تلعبه في أسواق النفط العالمية.
مما لا شك فيه ان تلك الانسحابات التي ستشهدها اوبك قريبا لها اعتبارات سياسية اكثر من كونها اقتصادية, لكنه اشار استياء واضحا بين اعضاء المنظمة بشأن كيفية إدارتها وسياسات الإنتاج الخاصّة بها التي لا تتماشى بالضرورة مع مصالح بعض الدول الأعضاء.
وما بين التزامات المنظمة في تنسيق السياسات النفطية للدول الأعضاء بها وتوحيد هذه السياسات, وبين وجود هذا الكم الهائل من الاختلالات الرئيسة في الاحتياجات التي يطالب بها اعضاء اوبك والذي يمثل تحديا خطيرالاستمرار المنظمة في تقديم خدماتها لأعضائها, وبالتالي لن نشهد من أوبك سوى بقائها كمنظمة ضعيفة الدور متقلصة الاعضاء تباعا خصوصاً أن الاختلافات بين أعضائها أصبحت أكثر وضوحاً، وهناك منتجون آخرون للنفط مثل روسيا والولايات المتحدة يسعون لزيادة حصصهم في السوق.
وبعد دخول السعودية كزعيمة فعلية في صنع القرار في المنظمة, يمكننا القول ان حصتها السوقية وقدرتها الانتاجية قد اتاحت لها ان تكون أداة للتحكم بالأسعار, بغض النظر عن اختلافاتها السياسية والاقتصادية مع الدول المنتجة للنفط والتي هي جزء اساسي من المنظمة, الامر الذي خلق اجواء يسودها التخبط والسخط داخل المجموعة.
السعودية من دورها ما زالت الى الان تمارس ضغوطا على شركات النفط الصخري الاميركية, خاصة بعد ان تجاوزت كميات النفط عام 2014 الطلب كثيرا, من دون أن تعير اهمية الى مقاومة اعضاء أوبك الاخرين من أصحاب الحصص السوقية المنخفضة, وكانت النتيجة انخفاض سعر برميل النفط إلى أقل من 30 دولاراً، في أعقاب ذلك، أعلنت الكثير من الشركات الأميركية العاملة في النفط الصخري إفلاسها، إلّا أن هذه الصناعة استمرّت وباتت محصّنة بشكل أكبر بعد تلك الأزمة بعد أن تمكّنت من التكيّف بشكل أفضل مع انخفاض الأسعار وخفّضت تكاليفها وزادت من كفاءتها التكنولوجية.
أما ما يجعل من النفط الصخري عاملاً مزعزعاً للاستقرار بالنسبة لأوبك، فهو قدرة منتجيه على التكيف السريع مع تقلبات أسعار النفط، مما حدّ من قدرة أوبك على التحكم بالأسعار.
بمقدور شركات النفط الصخري الأميركية المستقلة في الوقت أن تزيد العرض تدريجياً استجابة لارتفاع الأسعار، مما سيؤدي إلى ضغط هبوطي على الأسعار، واضعة حداً لمقدرة أوبك على رفع الأسعار.
إضافة إلى ذلك، فإن التقدّم المحرز في تقنيات الصخر الزيتي وانخفاض تكاليف التنقيب والإنتاج في البحر مكن دولا جديدة من التحوّل إلى منتجة للنفط والغاز، وهو ما قلّل بالتالي من اعتمادها على الوقود المستورد.
وما زال السؤال قائما, هل ما زالت أوبك قوية؟.
بالامكان القول في الوقت الحالي ان قوتها بدأت بالانحدار مع استمرارها مهيمناً في أسواق النفط العالمية بمرونة إنتاجية كافية للتحكم بتقلبات الأسعار. فضلا عن أن أعضاء أوبك ما يزالون يتمتعون بمزايا كبيرة في تكلفة الإنتاج مقارنة مع البلدان الأخرى المنتجة للنفط وشركات النفط الصخري في الولايات المتحدة.
إلّا أن التحولات الكامنة في السوق من زيادة حصة النفط والغاز غير التقليديين لا سيّما في البلدان المستهلكة للنفط، وصولا إلى زيادة استعمال الغاز الطبيعي في إنتاج الطاقة، تقيّد بشكل متزايد قدرة أوبك على التحكم بأسعار النفط كما كانت تفعل في السابق. حالياً، كما ان منتجي الوقود الصخري يراقبون الأسعار بدقة شديدة ليكونوا على أهبّة الاستعداد للرد على أي تغيرات.
*عن صحيفة الـ»صن تايمز» البريطانية
للكاتب راين ستار

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة