خطة للأعوام المقبلة و تطبيق اللامركزية و حظـر أي تشكيـل مسلـح خـارج الدولـة

بغداد ـ الصباح الجديد:

عرض رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي في جلسة التصويت التي جرت يوم الاثنين الماضي على الكابينة الوزارية، المنهاج الوزاري لحكومته امام مجلس النواب، حيث صوت المجلس بالموافقة بالاغلبية على الحكومة ووزرائها ومنهاجها.
وعبر مراقبون ومحللون سياسيون عن مشاعر التفاؤل بتشكيل الحكومة، وكذلك بالمنهاج الوزاري، الذي تلاه رئيس الوزراء حيدر العبادي، لافتين الى انه جاء بفقرات ايجابية وشاملة تتعلق بملفات عدة، على رأسها الملفين الامني والخدمي، وملف العلاقات الخارجية، ومكافحة الفساد، وقضايا اخرى مهمة، مشددين على ان تطبيق المنهاج بصورة سليمة كفيل بحل المشكلات الامنية والمعيشية في العراق.
وقد قرأ رئيس الوزراء حيدر العبادي المنهاج الحكومي، مبتدأ القول ان “آلية العمل حكمتها الظروف التي تسببت في نزوح مئات الالاف من المحافظات بما يؤمن اسكانهم ومعيشتهم والحاق بناتهم وابنائهم بالدراسة وطرد المجاميع الارهابية”.

خطة استراتيجية
لأعوام 2014 ـ 2018
واكد العبادي في عرضه لمنهاج الحكومة على ان هناك “خطة استراتيجية شاملة لأعوام 2014 ـ 2018 تغطي جميع الميادين مع الاخذ بنظر الاعتبار ظروف البلاد تصاغ من قبل مختصين”، مشددا على ضرورة “الادارة اللامركزية على المستويين الاقتصادي والاداري واعادة رسم خطط الدولة لصالح المحافظات من جهة و لصالح القطاع الخاص والانطلاق بثورة ادارية باستعمال التقنيات و تطبيق الحكومة الالكترونية”.
و شدد العبادي على “اغلاق منافذ الفساد وتقويم السياسات النفطة والضريبية والموازنة وتفعيل المحاسبة على المؤسسات كافة وتقويم الاداء تفعيل دور الجهات الرقابية و الفصل بين المناصب الإدارية والسياسية و العمل بتكافؤ الفرص واحترام صلاحيات تشكيلات الدولة وتحقيق التوازن في مؤسسات الدولة و الامن وتشكيل مجلس الخدمة الاتحادي”.
واكد المنهاج على “التحول الى القطاع الخاص في الكهرباء والصحة والخدمات و اعتماد المكاتب الاستشارية والاستعانة بالخدمات بما يفضي الى ادارة المشاريع على الوجه الاكمل”، لافتا الى العمل “بتغطية الضمان والتقاعد لذوي الحرف والعاملين في القطاع الخاص وخفض معدل البطالة”.
كما شدد على “حصر السلاح بيد الدولة ومنع حمل اي سلاح خارج اطار الدولة و احترام حقوق الانسان و حماية المواطن من الانتهاكات واخضاع القضايا المالية لحكم الدستور بعيدا عن المزاجات والتوافقات”.
واكد المنهاج الوزاري لحكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي على “التزام الحكومة بوثيقة الاتفاق السياسي بين الكتل على قاعدة الالتزام بالدستور من دون انتقائية و حل المشكلات القائمة بين بغداد وكردستان في ضوء الدستور و عد شراكة البرنامج التنفيذي دليلا ملزما”.
ويمكن ادراج ابرز الامور التي وردت في المنهاج الوزاري بجملة امور رئيسة.

الاصلاح الاداري: اللامركزية
في مجال الاصلاح الاداري، اكد المنهاج على الحاجة الى “تفعيل الادارة اللامركزية واعادة رسم سياسية الدولة و الانطلاق بثورة ادارية لإعادة بناء مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية، و تطبيق الحكومة الالكترونية لرفع القدرة الانتاجية”.
وشدد على ضرورة “الفصل بين المناصب السياسية والادارية وتطبيق مبدأ تكافؤ الفرص”، لافتا الى الحاجة الى “تحقيق التوازن بين مكونات الشعب العراقي في المؤسسات العراقية والتعاون والتنسيق مع مجلس النواب في التشريع والرقابة”.
واشار الى ان “الاصلاح الحكوميمن شأنه تحقيق هدفين وهما الارتقاء بالمستوى الاداري والتصدي لمظاهر الفساد لاهمية ذلك في تعزيز العلاقة بين الجماهير والحكومة والتأثير المباشر لذلك على الامن”.

الاقتصاد: التوجه
نحو القطاع الخاص
وفي مجال الاقتصاد والبناء الاقتصادي اكد المنهاج الوزاري لحكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي على وجوب “تشجيع وتفعيل التحول نحو القطاع الخاص”، و تفعيل خطة التنمية الوطنية 2014 – 2018″، و “تقويم السياسات النفطية والمالية على اسس تنموية منصفة”.
كما شدد المنهاج على “اعتماد الخبرة الدولية والمحلية في التخطيط وغيرها و توسيع نطاق شمول نظام الضمان الاجتماعي”، مشددا على اعادة تأمين الصناعات الحكومية للدولة الى القطاع الخاص وزيادة الانتاج الزراعي ودعم وتبني القطاع الخاص وانشاء المدن الصناعية”.
واكد على “تحسين التنسيق بين الوزارات والدوائر المحلية وتفعيل اجراءات مكافحة البطالة لاسيما بين الخريجين”.

الأمن: حظر اي تشكيل
مسلح خارج اطار الدولة
وفي مجال الامن جرى التأكيد على “العمل على تحقيق امن العراق واستقراره وحماية منشآته و اعادة بناء القوات المسلحة ورفع كفاءتها المهنية وان تكون ممثلة لجميع المكونات و حصر السلاح بيد الدولة وحظر اي تشكيل مسلح خارج الدولة”، مشددا على “الحرص على ان تؤدي القوات الامنية واجباتها في حماية المواطنين و الالتزام الصارم بمبادئ حقوق الانسان في مؤسسات الدولة كافة و حماية المواطن من الانتهاكات والتجاوزات”.
و اكد المنهاج دعمه للعمليات العسكرية و “ضمان استمرارها حتى تحقيق النصر”، داعيا الى “اعادة النظر في الملف الامني واعادة بنا ءالقوات المسلحة لتكون ممثلة لجميع ابناء الشعب العراقي لتحرير المدن واستعادة سيادة الدولة وتحديد آليات جديدة في المحافظات بما ينسجم مع الدستور”.
وطالب “بتطوير تجربة الحشد الشعبي بتشكيل منظومة الحرس الوطني ديفا للجيش والشرطة و اعداد قوات البيشمركة ضمن منظومة الامن”.

النفط
وضع المنهاج الحكومي اهدافا رئيسة تتعلق بالنفط الذي يعد حاليا، المصدر الوحيد للدخل ، وتمثلت تلك الاهداف بـ “زيادة الطاقة التخزينية للنفط و تحسين وتطوير الطاقة التصديرية و وتعزيز الانتاج وتحديث اسطول الناقلات و توفير البنى التحتية والضرورية كالكهرباء والنقل، وتعزيز و زيادة انتاج النفط والغاز لتسحين دوام الموارد المالية”.

العلاقة مع كردستان
فيما يتعلق بالعلاقة بين حكومة بغداد وكردستان دعا العبادي، الى “اخضاع الخلافات والقضايا المالية والادارية والقانونية لحكم الدستور”، متعهدا بالقول “انا ملتزم وحكومتي بحل جميع المشكلات العالقة مع اقليم كردستان”.

السياسة الخارجية
وفي مجال السياسة الخارجية دعا المنهاج الى “تفعيل سياسة العراق الخارجية والالتزام بسياسة حسن الجوار وعدم التدخل بالشأن الداخلي و ايلاء السياسة الخارجية اهمية خاصة تقوم على اساس المصالح المشتركة”.
وشدد على “تحشيد الدعم الدولي لمواجهة الارهاب في العراق”، متعهدا “بالتزام الحكومة بالمبادئ الاساسية الواردة في وثيقة اتفاق الكتل السياسية”.

الضمان الاجتماعي و الخدمات
اما في المجال الاجتماعي ومجال الخدمات العامة فاكد المنهاج على “الارتقاء بالمستوى الخدمي والمعيشي للمواطن ومستوى التنمية في الصحة والتعليم، وزيادة كفاءة نظام الضمان الاجتماعي والدخل وتحسين البيئة وخدمات الماء والكهرباء وتطوير البطاقة التموينية باستعمال البطاقة الذكية وان يشمل الضمان الاجتماعي الارامل والمعاقين والمسنين وتعزيز دور المرأة في المجتمع وتفعيل التعاون بين الذكور والاناث وتكامل الفرص، و تعزيز دور المرأة في المجتمع و تفعيل منظمات المجتمع المدني”.

مكافحة الفساد
وفيما يتعلق بملف مكافحة الفساد اكد المنهاج على وضع “خطة شاملة لإصلاح الاداء الحكومي و التصدي لمظاهر الفساد و تبني منهج للإصلاح المؤسساتي ضمن مغادرة وسائل العمل البيروقراطي”، مشددا على ضرورة “الاسراع بانجاز برنامج الاصلاح الاداري واخضاع مشاريع الدولة للمراجعة و انجاز الاصلاح الاقتصادي والمالي والتحول لاقتصاد السوق و تحسين نظام الادارة المالية والموازنة التي مازالت تعد بطرق تقليدية و دعم الاستثمار في البيئات المتنوعة”.
و أقر البرلمان العراقي الحكومة الجديدة برئاسة حيدر العبادي مساء الاثنين الماضي، وضمت أعضاء بحسب التنوع المذهبي والقومي. و فيما يتعلق بما يسمى الوزارات السيادية، عين عادل عبد المهدي من المجلس الأعلى الإسلامي العراقي وزيرا للنفط، و رئيس الوزراء الأسبق إبراهيم الجعفري وزيرا للخارجية، و روز شاويس وزيرا للمالية، ولم يعين وزيرا الداخلية و الدفاع، لكن العبادي تعهد أن يصدر قرارات بذلك خلال أسبوع.
واختير كل من وزير الخارجية السابق هوشيار زيباري، و صالح المطلك، و بهاء الأعرجي نوابا لرئيس الوزراء.
ووافق البرلمان على تعيين رئيس الوزراء السابق نوري المالكي و رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي ورئيس البرلمان السابق اسامة النجيفي، نوابا لرئيس الجمهورية، وكان ينظر إلى الثلاثة على انهم متنافسون.
ويتطلع العبادي إلى توحيد البلاد وهزيمة “داعش” التي هدد هجومها هذا الصيف على شمال العراق بتقطيع أوصال البلاد على أساس طائفي.
وقد استقبل تشكيل الحكومة ومنهاجها الوزاري بالتأييد المنظمات الدولية والدول اذ اعرب الامين العام للامم المتحدة بان كي مون، بحسب بيان تلقت “الصباح الجديد” نسخة منه، عن امله “في أن يتم تنفيذ البرنامج الوزاري الذي أُقِرَ في الوقت المناسب، مع الأخذ بعين الاعتبار احتياجات جميع المكونات العراقية”، عادا انه “في هذه اللحظة الحافلة بالتحديات بالنسبة للعراق والمنطقة فإن قرار مجلس النواب العراقي يعد خطوة إيجابية نحو الاستقرار السياسي والسلام في البلاد”.
و سارع الرئيس الأميركي باراك أوباما الى ان يتصل هاتفيا برئيس الوزراء حيدر العبادي بعد ساعات من تشكيل الحكومة العراقية الجديدة واعلان منهاجها، وقال البيت الأبيض في بيان تابعته “الصباح الجديد”، إن “الرئيس الأميركي باراك أوباما اتصل بالعبادي، لمناقشة التزام واشنطن بمساعدة حكومته في التصدي لمسلحي تنظيم “الدولة الإسلامية”.
و استقبل رئيس الوزراء حيدر العبادي، امس الأربعاء، وزير الخارجية الأميركي جون كيري وبحث معه التطورات الأمنية والسياسية في البلاد بحسب مصدر مطلع اوضح، أن “الطرفين ناقشا أيضا الدعم الدولي المقدم للعراق في حربه ضد الإرهاب، ومساعي الولايات المتحدة الى بناء تحالف دولي لمحاربة تنظيم داعش وطرده من العراق”.
و أكد الاتحاد الأوروبي، يوم امس الأربعاء، في بيان اطلعت عليه “الصباح الجديد”، انه “يقدر التحديات الكبيرة التي تواجه الحكومة الجديدة برئاسة حيدر العبادي، لكننا نأمل أن تعمل الحكومة بفعالية من اجل إيجاد حل شامل للعديد من الاحتياجات الطارئة، ونتعهد بدعمه الكامل لهذه المساعي”.
ويشير المراقبون الى ان الحكومة السابقة برئاسة نوري المالكي ادت بسبب فشل وزرائها في تحقيق الاصلاح المطلوب في تكريس الفساد المالي والاداري في مؤسسات الدولة، وغياب التنمية الحقيقية لاقتصاد البلاد، التي تنعش اوضاع العائلات العراقية وزادت معدلات الفقر و تفاقمت ازمة السكن و انهارت الخدمات العامة؛ وصولا الى خروج مناطق شاسعة من البلاد من سيطرة الحكومة العراقية، كما تصاعدت طيلة اعوام الصراعات الطائفية ما ادى الى غياب تمثيل وطني حقيقي في المؤسسات العسكرية والمدنية؛ بسبب غياب الروح المعنوية لدى العسكريين والمدنيين بحسب المراقبين، الذين يشيرون الى ان ذلك كان من الاسباب الرئيسة للانهيار العسكري وانهيار البنى التحتية وغياب التنمية.
واعرب المحللون السياسيون عن املهم في ان تحقق الحكومة الجديدة برئاسة حيدر العبادي ما عجزت عن تحقيقه الحكومات السابقة من اجل استعادة الامل ببناء العراق على اسس سليمة وتحقيق التغيير الذي تدعو اليه جميع القوى السياسية، التي تسعى الى انهاء المعاناة ودحر تنظيم “داعش” و بناء عراق مدني جديد مسالم؛ لا مجال فيه للتنظيمات المسلحة خارج اطار الدولة، تلك التنظيمات والمجموعات التي تسببت في استباحة دماء الاف العراقيين، وتعطيل الاعمار والبناء تخلف البنى التحتية وزيادة معدلات الفقر.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة