يدرك المرجع الاعلى السيد السيستاني جيدا الابعاد الاستراتيجية لخروج العراق منتصرا في حربه على الارهاب واذا كانت فتوى سماحته هي الفصل في اعلان هذا النصر فان مرحلة مابعد داعش تتطلب ايضا ارادة اقوى للمضي قدما في ترصين معاني النصر وتعزيز قدرات العراقيين في بناء بلدهم.
وفي كل خطاباته وتوجيهاته اتخذ السيستاني منهجا سليما تجتمع حوله كل اطياف المجتمع العراقي واختار طريقا جنب العراقيين التيه والزلل وسط محيط اقليمي مضطرب وتشابك في المصالح وتصارع على النفوذ ومن دون ان نبالغ نقول ان رؤية السيستاني لحاضر ومستقبل العراقيين مستمدة من مكانة العراق في محيطه العربي والإسلامي ومن ارثه التاريخي ودوره الانساني الذي تجسد في مساهمة العراقيين في صنع حضارات متعاقبة ساهمت في رفد الانسانية بالعطاء والبناء.
وحين وصف السيد نبيه بري رئيس مجلس النواب اللبناني سماحة السيد السيستاني بأنه مقاتل في سبيل وحدة العراق فإنه كان يعني بالضبط ان وحدة العراق هي الهدف الاسمى الذي تتضاءل امامه الاهداف الاخرى وان الحديث عن الوحدة يعني الحديث عن القوة من هنا يمكن القول ان استشراف المستقبل يحتم على العراقيين جميعا النهل من هذا المنهج وان انتصارهم على الارهاب يحتم عليهم التمسك بمنزلة الوحدة ونبذ مواطن التفرقة والضعف وهذا الانتصار يمثل للعالم اليوم انموذجا مهما في النجاح لبلد تكالبت عليه الشدائد والمحن واستطاع الخروج منها قويا معافى وما هذا الاقبال السياسي والاقتصادي على العراق المتمثل بزيارات الزعماء والوفود سوى ترجمة حقيقية للاعجاب بتجربة العراق.
وكان يمكن ان تكون لحظة الانتصار نقطة انطلاق جديدة يمكن البناء عليها وتصحيح الأخطاء وفرصة لضرب عناوين الفساد في الداخل الذي يريد تشويه صور النجاح وبحساب الزمن فان العراقيين يخسرون كلما ابتعدوا عن روحية هذا الانتصار ويفرطون بقدراتهم ويشتتون جهودهم بالحديث عن مناهج اخرى تتوافق مع فئة واحدة او لون واحد ولا تتسق مع تنوعهم الاثني وما تلك التصريحات الطائفية التي تظهر لنا بين الحين والاخر لسياسيين فاشلين الا دليل على قصر نظرهم في التعاطي مع الدور المستقبلي للعراق ومثل هؤلاء يدركون ان خطاباتهم مبتورة وان منهجهم مريض ومشوه لا يتناغم معه سوى الجهلة ومن اعتاشوا على الخراب الطائفي وليكن الارتقاء الى المنهج الوحدوي الذي امن به السيستاني وشجع عليه خارطة طريق وشعارا كبيرا يعمل به وحوله العراقيين جميعا.
د. علي شمخي
