قاسم والي
أنا القديمُ الذي ما أدركَ الشِعرا
لكنّني لستُ ذاكَ الواحدَ الصِفرا
ما قلتُ من قبلُ أحلامٌ
وأسئلةٌ تراودُ الروحَ لم أجتزْ بها بحرا
أظنُّ أنّ جفافاتي مؤبدةٌ
يبدو بها قلمي ما عاقَرَ الحِبرا
ما زالتِ الصفحةُ البيضاءُ صامتةً
ولمْ تزلْ لُغتي في مهجتي بِكرا
لطالما كنتُ أرجو أنْ أمرّ على
سمعِ الوجودِ بشعرٍ يشبهُ السِحرا
لكنّهُ الهاجسُ الشيطان ُغادرني
فلي كتابٌ حبيسٌ بعدُ لمْ يُقرا
ولي مواويلُ أهلي ما يزالُ على
أنّاتها دمعُ أم ٍّ مالحُ المجرى
ولي عراقٌ على شطيّهِ قافلةٌ
من الحبيسينَ في زنزانةِ الذكرى
بميتةِ الوردِ هاموا وهو هام بهم
مستعجلونَ لتلكَ الميتةِ الحَمرا
أهلي مواكبُ بَكّائين يَقتلُهُم
فيها الحسينُ الذي لَمْ يقتلِ الشمرا
أهلي وما زالَ ذاكَ الشمرُ يذبحُهُم
ذبحاً ذريعاً ومازالوا لهُ أسرى
مستسلمونَ يكادُ الشمرُ يدفعُهم
حتّى يؤدوا لهُ عن موتِهم أجرا
أهلي سعيدونَ حتّى وهوَ ينحرُهُم
ويمنحونَ لهُ من عُمرِهم عُمرا
في ضِفّةِ الشمرِ أهلي والسيوفُ له
على الحسينِ الذي في الضِفّة الأخرى
قلوبُهم معَهُ حتى قلوبُهمُ !
هُمْ يُنكرونَ ولكنّي بهِمْ أدرى
أعطَوا له سوطَهُ حين اشتهى
ظهرا من جوعِ اكواخِهم شادوا له قصرا
أدري بأنَّ اعترافاتي ستؤلمُهم
لكنّهم صَمتوا دهراً تلا دهرا
أهلي انتظارٌ طويلٌ يعشقونَ بهِ
ليلاً طويلاً تفادى طولُه الفجرا
في بصرةِ الماءِ تبكي النخلةُ النهرا
ولم تساقطْ على عذرائِها التَمْرا
في جنّةِ النفطِ نارُ اللهِ موقدةٌ
دخانُها عاثَ بالأجسادِ واستشرى
يا أكرمُ الشعرُ لمْ يُنجدْبكَ الصَدرا
قدْ جئتَ قَسراً وقدْ غادرْتَنا قسرا
غادرتَ سربَ فراشاتٍ تنوءُ بما
لاقاهُ سربُ فراشاتٍ رآى جمرا
قامتْ قيامتُنا يا رب ُّ إنَّ بنا
ما يُشبهُ السكرَ لكنْ ..لمْ يكنْ سُكرا
أهلي وليسَ سوى أهلي أسائلُكُم
متى سيلحقُ يُسرٌ هاربٌ عُسْرا
أتتم رفاقُ عذابٍ تنعمون بهِ أحببتموهُ
وما اسطعتمْ لهُ هجرا
متى سنعلنُ يا أهلي تحرّرَنا
منّا ومن هذه الدوّامةِ الكُبرى