سمير خليل
لرمضان الكريم وأيامه المباركة تقاليد خاصة، عادات وطقوس قل ما نراها إلا في الشهر الفضيل، ولعل الطعام ولا سيما الحلويات من أبرز مظاهر المائدة الرمضانية.
وعادة ما يتغنى الصائم بما يأكل ويشرب، وتقف البقلاوة والزلابية في مقدمة الحلويات التي ارتبطت برمضان والصائم، وتشتهر بعض محال ومعارض الحلويات العريقة في بغداد مثل: الحاج جواد الشكرجي، والخاصكي، ونعوش، ورعد الشكرجي، ومندرين، وأبو عفيف.
وهذه الحلويات شهدت تراجعا بالبيع بعد الأحداث التي مر بها البلد مع مزاحمة أنواع أخرى من الحلويات مثل البرمة والطاطلي وزنود الست، فضلا عن أسعارها التي تتماشى مع القدرة الشرائية للمواطنين.
موضوعنا اليوم سيكون طعمه حلوا بالطواف بين صواني البقلاوة والزلابية، وأول ما يتبادر لنا هو معرفة مكونات هذه الحلوى، والبحث في تاريخ ولادتها.
وتعرف البقلاوة بأنها مُعَجَّنَات مُحلاة، موادها هي الطحين والفستق الحلبي او الجوز، والدهن الحر، والسكر والشيرة (ماء السكر) بإضافة الهيل. تَتكون من طَبَقات رقيقة من العجين وتُحشى بالمكسرات كالجوز والفستق الحلبي، وتُحلى بسكب الشيرة (ماء السكر) أو العسل عليها وترتب في صوان خاصة بها.
تاريخيا ما زال هناك خلاف بين اليونانيين والأتراك على أصل البقلاوة، فكل بلد ينسبها لنفسه، إلا أن بعض المصادر أكدت أن أصل البقلاوة في شكلها البدائي، أو قيل أنها حلوى شبيهة بالبقلاوة تعود إلى القرن الثاني قبل الميلاد لبلاد الرافدين والآشوريين الذين صنعوها من رقائق العجين الرقيق الهش المحشو بالفواكه المجففة، أو المكسرات المغطاة بالعسل، وأخذها عنهم الأتراك. وبمرور الوقت، ومع انتقالها من بلد إلى آخر تغيرت بعض مكوناتها حسب عادات وتقاليد كل منطقة، فالأرمنيون أضافوا لها القرفة، في حين أضاف إليها العرب ماء الورد، واليونانيون العسل لتحليتها.
هنا في العراق أكثر الاعتقاد أن البقلاوة تركية الأصل واسمها بالتركية Baklava وهو اسم أول من صنعتها وهي بقلاوة زوجة سلطان تركي، وكانت طباخة ممتازة تجيد أصول الطهي، وحينما طلب منها زوجها السلطان أن تصنع له صنفًا جديدًا من الحلوى أتت بالجلاش، ووضعت بين طبقاته الحشو بأنواعه وأضافت المسلي، وأنضجته في الفرن، ووضعت عليه العسل، وعندما قدمته له أقر أنه لم يتذوق مثله، وإكراما لزوجته الماهرة أطلق على هذا النوع من الحلوى أسمها. وانتشرت بعد ذلك في العديد من البلدان العربية.
وهناك رواية أخرى تشير إلى أن البقلاوة تعود لطباخة اسمها لاوة وكانت طباخة السلطان العثماني عبد الحميد، وهي من ابتدعت هذه الحلوى فأعجبت السلطان وقال (باق لاوة نه ايدي) وتعني انظر ماذا صنعت لاوة، وتذكر المصادر التاريخية أن البقلاوة كانت تصنع في مطابخ الامبراطورية العثمانية بقصر توبكابي باسطنبول، كما كان يقدمها السلطان في صينية كشكلها المعتاد حالياً إلى الإنكشاريين في كل منتصف من شهر رمضان بمراسم، تسمى موكب البقلاوة.
تشتهر البقلاوة في الدول العربية والآسيوية، في العراق وبلاد الشام والمغرب العربي وتركيا وإيران وجنوب القارة الآسيوية والقوقاز ودول البلقان.
اما الزلابيا وتشبه إلى حد ما الشباكية المغربية، فمشهورة في عدة دول عربية لا سيما في المغرب العربي، المغرب، وتونس، والجزائر، وليبيا، وكذلك في العراق، حيث يكثر الإقبال عليها في شهر رمضان.
وتختلف الروايات حسب أصل تسمية الزلابية فمنهم من يقول إنها من تسمية زرياب الذي إبتكرها عندما سافر إلى الأندلس، ومنهم من يقول أن أحد التجار أمر طباخه بطهي الحلوى فلم يكن في المطبخ إلا الزيت والسكر والدقيق، فوضعها في المقلاة وعندما رأى الزلابية غريبة الشكل قال: زلة بيَ أي أخطأت في إعدادها طالبا عفو سيده. وتبقى هذه الروايات الأكثر شيوعاً، اما مكونات الزلابية فهي: الخميرة والطحين والنشاء وبياض البيض والزيت الذي يمنحها بريقا خاصا.
البقلاوة والزلابية تحلي أيام رمضان الفضيل
التعليقات مغلقة