حسين نهابة
أنا مدينةٌ غائرةٌ في القِدم
تفتح ذراعيها، عند قنديلِ المساء
لكلّ زائرٍ التهمهُ الحُزنُ
في سَرابِات سَلامٍ أبدي
ولا يَهابُ في الحُبِ لومةَ لائم.
سأثبُ من رذاذِ الفَجر
قبل أن يَستيقظَ بين رِمشيكِ
وأكتبكِ على صدري
تَميمةَ عِشق لا يَرحم
وأتخبّطُ بين أسئلته المُعذبة
ليُعريني من خَطاياكِ
صَبراً جَميلاً ومَدينة فاضلة
أنا مدينةٌ تُعلن عن خساراتها المتعاقبة
لتُلقم في السر نداءات عاشقيها
عسل الانتصار والذهول
بهمهمات رجل عجوز فَقَدَ حنينه
بين بيادر الانتظار ولقاء العبور
أنا مدينةٌ هشة
لا تقوى عل الوداع
جسورها مُستعرة أبداً
بُنيت من شوق وانتظار
كثيراً ما تحتضن الصبر ليالي وأياما،
وتنام ملء جفونها
على دعوات آلهة بعيدة
متقلبة المزاج
أنا مدينةٌ، لم تخن ذاكرتكِ قط
رغم جنون الأزمنة الغابرة
وتقلبات الآلهة فيها،
وكان صوته القادم من ساحل مهجور ينتشلني
مثل عصفور جريح
من وشايات ليالي الشتاء الطويلة
ويندلق، كخمرة انتمائي
على أفراح غير مُعلنة
أنا مدينةٌ، سورها أنتِ
خطيئتها أنتِ
وقافيتها التي جفت بين سنين
الحرمان والصمت، أنتِ
يا لقسوة الشَعر المُعتقل
حين يقضم ما تبقى من صلواتي